وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ شَاسٍ وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ: الْعَاقِدَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْأَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَصَرِّفٌ لِصَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ فَقَالَ (وَإِنَّمَا تَصِحُّ) الشَّرِكَةُ (مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ) لِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ (وَ) أَهْلِ (التَّوَكُّلِ) عَنْ غَيْرِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمُوَكِّلِ، وَأَهْلُهُمَا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْمُسْلِمُ غَيْرُ الْعَدُوِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَبِعُوا كُلُّهُمْ وَجِيزَ الْغَزَالِيِّ وَيَرُدُّ بِوُجُوبِ زِيَادَةِ وَأَهْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَبَاعَ لِصَاحِبِهِ بَعْضَ مَالِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهَا أَهْلِيَّةُ الْوَكَالَةِ لِجَوَازِ تَوْكِيلِ الْأَعْمَى اتِّفَاقًا وَتَوَكُّلِهِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ اهـ. وَذَكَرَهُ " غ " كَالْمُنَكِّتِ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ.
الْحَطّ لَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ أَهْلِيَّةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَعْمَى جَائِزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا فَرَّعَ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ فَقَالُوا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ أَوْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لَكَفَى إذْ مَنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَجَازَ كَوْنُهُ وَكِيلًا إلَّا لِمَانِعٍ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِهِ.
فَإِنْ قُلْت قَدْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ التَّوْكِيلُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ كَالذِّمِّيِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَكَالْعَدُوِّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِقَوْلِهِمَا إلَّا لِمَانِعٍ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إخْرَاجَ ذَلِكَ مِنْ الشَّرِكَةِ أَيْضًا. قُلْت أَمَّا أَوَّلًا فَعَلَى تَسْلِيمِهِ، فَكَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى قَوْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَهْلِيَّةَ التَّوْكِيلِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الذِّمِّيَّ وَالْعَدُوَّ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لِأَنَّ تَوَكُّلَهُمَا إنَّمَا امْتَنَعَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الْأَشْخَاصِ فَقَطْ، وَأَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ مُشَارَكَةِ الْعَدُوِّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ ابْتِدَاءً، قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَلَا يَصْلُحُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُشَارِكَ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ.
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ وَقَعَ اُسْتُحِبَّ صَدَقَتُهُ بِرِبْحِهِ إنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِالرِّبَا، وَبِجَمِيعِ