أَوْ إجَارَةٌ، وَعَلَى بَعْضِهِ: هِبَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ الْقِسْمَ الثَّانِي عَاطِفًا لَهُ بِأَوْ الَّتِي لِلتَّقْسِيمِ فَقَالَ (أَوْ إجَارَةً) لِلْمَأْخُوذِ صُلْحًا إنْ كَانَ مَنَافِعَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ لِعَدَمِ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَغَايَتُهُ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ بِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنْفَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا مَضْمُونَةٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، فَصُورَةُ الْإِجَارَةِ الْجَائِزَةِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ طَعَامٍ كَذَلِكَ فَيُقِرُّ بِهِ ثُمَّ يُصَالِحُهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَضْمُونٍ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَضْمُونٍ لَمْ يَسْتَوْفِهَا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهَا بِنَقْدٍ مُعَجَّلٍ أَوْ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ أَوْ طَعَامٍ كَذَلِكَ، وَهُوَ إجَارَةٌ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ لَا بِمُؤَخَّرٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ.
(وَ) الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَرْكِ بَاقِيهِ (هِبَةٌ) لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ قَبْلَ مَوْتِ وَاهِبِهِ وَجُنُونِهِ وَمَرَضِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ وَقَبْلَ فَلَسِهِ. ابْنُ عَاشِرٍ تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الِاشْتِرَاطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَدَدِهِ أَوْ إنْكَارِهِ أَوْ سُكُوتِهِ ادْفَعْ لِي خَمْسِينَ وَأُسْقِطَ لَك الْبَاقِي فَلَمْ يُجِبْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ، فَلَوْ رَضِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدُ لَزِمَ الصُّلْحُ وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يَرْضَ حَتَّى مَاتَ الْمُدَّعِي.
الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ الصُّلْحَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهِبَةٌ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ ذَاتًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَهِيَ إجَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهِيَ هِبَةٌ، وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ وَعَلَى إنْكَارٍ وَعَلَى سُكُوتٍ، أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْمُدَّعَى بِهِ، وَأَمَّا السُّكُوتُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالسُّكُوتُ أَوْ الْإِنْكَارُ فَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِانْفِرَادِهِمَا عَنْ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ثُمَّ الْمُصَالَحُ بِهِ إنْ كَانَ مَنَافِعَ اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا كَكِتَابٍ مَثَلًا يَدَّعِيهِ عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ بِيَدِهِ فَيُصَالِحُهُ بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ،