وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ؟ تَرَدُّدٌ. .
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَبَنَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَقَامَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ لَهَا مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ اهـ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَارْتَهَنَ رَهْنًا وَكَانَ مُشْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفَهِ جَازَ.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ بِالْغَبْنِ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ، وَتَأَوَّلَ مِنْهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ رَأَى لَهُ الرَّدَّ بِالْغَبْنِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ مَخَافَةَ الْحِنْثِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ. وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَرَاهُ ابْنَ الْقَصَّارِ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» ، وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ظُلْمَ فِي غَبْنِ غَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ «بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» ، «وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» ، وَهَذَانِ لَا دَلِيلَ فِيهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَقِيقَةِ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ بِقَدْرِ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَثِيرٌ.
(وَهَلْ) لَا يَرُدُّ بِالْغَبْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْعَالِمِ بِهِ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ بِهِ (بِجَهْلِهِ) بِالثَّمَنِ وَيَقُولُ لَهُ يَعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسُ، أَوْ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ فَإِنِّي لَمْ أَعْلَمْ الثَّمَنَ فَيَغْبِنُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالنَّقْصِ فِي الشِّرَاءِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ، أَيْ أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتِئْمَانِهِ فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ، فَلَهُ