فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ: كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَطَفَ عَلَى أَعْلَمُ قَوْلَهُ (فَتَلَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلٍ الْوَاوُ أَيْ تَرَبَّصَ الْقَاضِي زَمَنًا يَسِيرًا (فِي) الْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى بَائِعٍ (بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) بِأَنْ كَانَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (قُدُومُهُ) أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ مِنْ غَيْبَتِهِ. " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى أَنَّ رَجَاءَ قُدُومِهِ شَرْطٌ فِي التَّلَوُّمِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، وَمَفْهُومُ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَنَّ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَالْحَاضِرِ أَفَادَهُ " غ " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا.
وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ: (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ (قُدُومُهُ) أَيْ الْغَائِبِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ أَئِمَّةِ قُرْطُبَةَ فَكَّ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَهَا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ: مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى تَزِيدَ الْبَيِّنَةُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَقُولُونَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَهَذَا مُحَالٌ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ مَنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ حَيْثُ غَابَ أَنْ يَزِيدَ مَغِيبًا بَعِيدًا، فَيُجْعَلُ عَالِمًا مَنْ قَدْ انْتَفَى مِنْ عِلْمِهِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو الْأَصْبَغِ عَلَى صِحَّةِ مَا صَوَّبَ بِمَسَائِلَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا سَمِعَهُ وَبَسَطَهَا فِي نَوَازِلِهِ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَفَادَهُ " غ ". (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِيهَا التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ الْقُدُومَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) لِمَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ.
" غ " أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُتَيْطِيُّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ قُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْهَا (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ مَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ الَّذِي سَكَتَ فِيهِ عَنْ التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ قُدُومُهُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِمَا فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ التَّلَوُّمِ لَهُ مِنْ