وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQخِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عَنْهَا أَوَّلًا فَلَيْسَ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا. لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ خِبْرَةٌ بِوَجْهٍ مَا، وَهَذَا هُوَ الْوُجُوبُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَوْدَةُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا. وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَةَ خَاصَّةً وَلَمْ يَطَأْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِيَ الْخِيرَةُ الَّتِي قُلْنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَكَأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مَشْرُوطٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِيرَةَ لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ فَمَحَلُّهُ إذَا ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَهَذَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمَا حَكَاهُ عَنْهَا ثَانِيًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي اهـ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُهُ فَهْمُهُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَصْرِ مَعْنَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ عَلَى تَحَتُّمِ لُزُومِهَا وَلَوْ مَاتَتْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَقَصْرُ مَعْنَى وُجُوبِهَا بِالْعَوْدَةِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا وَسُقُوطِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَالْأَوَّلُ حَقٌّ، وَالثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَلَوْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ إثْرَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيمَنْ ظَاهَرَ فِي أَثْنَاءِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَوْدَةِ أَوْ تَصِحُّ بِهَا طفي وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْعَوْدَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُصَحَّحٌ، وَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْعَوْدُ (الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ) لِيُظَاهِرَ مِنْهَا فَقَطْ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى تَطْلِيقِهَا أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ. مِنْهُمَا (أَوْ) هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ (مَعَ) الْعَزْمِ عَلَى (الْإِمْسَاكِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي عِصْمَتِهِ (تَأْوِيلَانِ) لِلْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ (وَخِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ.