أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ تَمْثِيلُ بَعْضِهِمْ بِإِنْ شَاءَ زَيْدٌ فَغَابَ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ، إذْ لَا مَشِيئَةَ لَهُ، وَلِلْمَلَكِ وَالْجِنِّ مَشِيئَةٌ لَا تُعْلَمُ كَزَيْدٍ الْمَفْقُودِ.
(أَوْ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ (صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، أَيْ نَوَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ رَاجِعَةٌ لِلدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَوُجِدَ الدُّخُولُ فَيُنَجَّزُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ التَّنْجِيزُ فِي صَرْفِهَا لِلطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَصْرِفْهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ لَا طَلَاقَ وَلَوْ دَخَلَتْ.
ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَمُقَابِلُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ إنْ تَرَكْت الدُّخُولَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ دُخُولِي فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ، وَقَدْ عُلِمَ فِي السُّنَّةِ أَنَّ كُلَّ وَاقِعٍ فِي الْوُجُودِ فَهُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَهُ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الدُّخُولَ أَوْ عَدَمَهُ وَاقِعٌ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ وَهُوَ مُحَالٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَجَابَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ صَرْفَهُ الْمَشِيئَةَ لِلْفِعْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُحْتَمَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَشِيئَةِ بِهِ مُوجِبٌ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ، أَوْ بِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِهِ يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ فَابْنُ رُشْدٍ بَنَاهُ عَلَى الثَّانِي فَأَلْزَمَ مَا أَلْزَمَ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُجِيبًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ بَنَى عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يَنْعَكِسُ الْأَمْرُ فِي جَرْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ فِيهَا عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. فَابْنُ رُشْدٍ جَعَلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. وَابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَهُ شَرْطًا عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ يَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ. وَإِنْ كَانَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَلَّقَ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي لَغْوِ اسْتِثْنَائِهِ مُطْلَقًا أَوْ مَا لَمْ