. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُكَلَّفُ فِيهِ الْمَطْلُوبُ تَحْقِيقَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كَلَّفَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِقَطْعِ دَعْوَاهُ وَيُتْرَكُ وَتَحْقِيقُ مَطْلَبِهِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ، وَلَوْ أَتَى الطَّالِبُ بِشَيْءٍ أَوْجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلًا فَأَثْبَتَ الْمَطْلُوبُ مَا يُنْقِضُ ذَلِكَ عَنْهُ فَادَّعَى الطَّالِبُ دَعْوَى، وَاحْتَجَّ بِحُجَّةٍ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُ فَإِنَّهُ يُسَجِّلُ بِعَجْزِهِ وَيُحْكَمُ بِقَطْعِ حُجَّتِهِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ لَا يُنْظَرُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَا بَيِّنَةَ لَا ذَلِكَ الْقَاضِي وَلَا غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ تَرْكُ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَأَنَّهُ مَتَى حُقِّقَ حَقُّهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ كَمَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ فِي الْمَطْلُوبِ مَتَى حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْصَاءِ حُجَّتِهِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَهُ حُجَّةٌ وَلَا بَيِّنَةٌ إذَا لَا تُقْطَعُ حُجَّةُ أَحَدٍ أَبَدًا فَلِمَ ضُرِبَتْ لَهُ الْآجَالُ وَوُسِّعَ عَلَيْهِ إلَّا لِتَقَطُّعِ حُجَّتِهِ، وَقَالَ وَلَا أَقُولُ فِيهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

أَبُو الْأَصْبَغِ أَرَادَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي أَقْضِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَتَى بِمَا لَهُ وَجْهٌ قُبِلَ مِنْهُ مِثْلُ إتْيَانِهِ أَوَّلًا بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ، فَوَجَدَ بَعْدَ الْحُكْمِ شَاهِدًا آخَرَ. وَفِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِثْلُ أَنْ يَظْفَرَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا، وَفِي كِتَابِ الصُّبْرَةِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يُجَرِّحُ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِمْ فَيَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ التَّعْجِيزُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِهِ وَعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ التَّعْجِيزُ وَيُكْتَبُ لِمَنْ سَأَلَهُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ لَا إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ.

وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا ذَكَرَ لَهُ حُجَّةً وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ فَهُوَ التَّعْجِيزُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَالْحُجَّةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ مَا فِي رِسَالَةِ الْقَضَاءِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ لِلْمُدَّعِي أَجَلًا يَنْتَهِي إلَيْهِ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أَخَذَ بِحَقِّهِ وَإِلَّا وَجَّهَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَارِ وَأَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ. الْبُنَانِيُّ قَدْ بَانَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ أَوَّلًا بِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَسَاكِتًا عَمَّا فِي الرِّوَايَةِ وَنَبَّهَ بِنِسْبَتِهِ لِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015