وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا اتَّبَعَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ زَوْجِهَا وَلَوْ وَلِيَّهَا (وَقَبَضَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْوَاهِبَةَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (اتَّبَعَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِنِصْفِهِ وَهِبَتُهَا مَاضِيَةٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ حِجْرِهِ بِطَلَاقِهَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ إجَازَةُ لِفِعْلِهَا.
أَبُو الْحَسَنِ فَرَضَ الْأُمَّهَاتِ الْمَسْأَلَةَ فِي هِبَتِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إيَّاهُ فَدَفَعَهُ الزَّوْجُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ فِي رَأْيِي، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ وَهَبَتْهُ هَذَا الصَّدَاقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَتَكُونُ مُعْسِرَةً فَأَنْفَذَ ذَلِكَ الزَّوْجُ حِينَ دَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا كُلِّهِ فَأَجَازَهُ اهـ.
أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ وَدَفَعَتْهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ هَلْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْجَوَابِ، أَوْ عَلَى الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ يَعْنِي مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مُوسِرَةٍ أَوْ مُعْسِرَةٍ يَوْمَ الطَّلَاقِ، عَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ، قَالَ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ وَذَكَرَ الْجَوَابَ إلَخْ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَاعَى عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ حَمْلِ الثُّلُثِ الْهِبَةِ، قَالَ لِأَنَّهَا زَالَتْ عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يُرَاعَى الثُّلُثُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِحَمْلِ الثُّلُثِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، نَعَمْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُنَا، وَنَصُّهَا فَإِنْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهَا وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ جَازَ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ اهـ.