وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ وَمَكَثَ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ، كَأَنْتَقِلَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الطُّولِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الزَّائِرُ فِي مَعْنَى السَّاكِنِ عَلَى قَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّ الطُّولَ أَنْ يُكْثِرَ الزِّيَارَةَ بِالنَّهَارِ أَوْ يَبِيتَ فِي غَيْرِ مَرَضٍ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ عَلَى غَيْرِ مَرَضٍ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ مَرَضٍ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَوْ هُنَا لِكَوْنِهَا وَاقِعَةً بَعْدَ نَفْيٍ تُفِيدُ نَفْيَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا كَمَا فِي الرِّضَى وَالْمَغْنَى.
فَإِذَا قُلْت لَمْ يَجِئْ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَالْمَعْنَى لَمْ يَجِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَمَنْطُوقُ الْمَتْنِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ نَفْيُهُمَا مَعًا وَهِيَ صُورَةُ عَدَمِ الْحِنْثِ، وَمَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ ثُبُوتُ الْأَمْرَيْنِ وَثُبُوتُ أَحَدِهِمَا وَهِيَ صُوَرِ الْحِنْثِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ عج مُقْتَضَى كَوْنِ الْيَمِينِ لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالزِّيَارَةِ وَلَوْ أَكْثَرَهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ. عب لِعِلَّةِ أَنَّ إكْثَارَهَا نَهَارًا وَبَيَاتَهُ بِلَا مَرَضٍ وَسِيلَةٌ لِمَجِيءِ أَوْلَادِهِ فَيَقَعُ بَيْنَ الْعِيَالِ مَا حَلَفَ لِزَوَالِهِ.
(وَسَافَرَ) الْحَالِفُ (الْقَصْرَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الصَّادِ أَيْ الْمَسَافَةَ الَّتِي تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا شَرْعًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ لِيَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ (لَأُسَافِرَنَّ) وَبَرَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا دَفْعَةً أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِهِ مَثَلًا (وَمَكَثَ) أَيْ لَا يَرْجِعُ الْحَالِفُ بَعْدَ سَفَرِهِ الْقَصْرَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ (نِصْفُ شَهْرٍ) سَوَاءٌ أَقَامَ فِي بَلَدٍ خَارِجٍ عَنْ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ أَوْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ خَارِجَهَا حَتَّى أَتَمَّ نِصْفَ شَهْرٍ.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَمَالُهُ) أَيْ الشُّهُورِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهَا وَشَبَّهَ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ فَقَالَ (كَ) الْحَالِفِ لَ (أَنْتَقِلَنَّ) مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً أَوْ بِسَاطًا، وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ كَذَلِكَ فَيَكْفِيهِ الِانْتِقَالُ لِأُخْرَى وَمُكْثُهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَنُدِبَ كَمَالُهُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا إذَا قَصَدَ إرْهَابَ جَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَرِهَ مُجَاوَرَتَهُ فَلَا يُسَاكِنُهُ أَبَدًا، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْمِنَّةِ