عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ، أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا، وَلَوْ جَرِيدًا بِهَذِهِ الدَّارِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَارَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ وَيَبَرَّ بِانْتِقَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا (عَمَّا) أَيْ الْوَجْهِ الَّذِي (كَانَا) أَيْ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَاكِنَيْنِ (عَلَيْهِ) انْتِقَالًا يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ سَاحَةً هُمَا بِهَا أَوْ هِيَ بَيْتٌ هُمَا بِهِ أَوْ ذَاتُ بُيُوتٍ كُلٌّ بِبَيْتٍ، وَانْتَقَلَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي لِحَارَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُسَاكِنُهُ أَوْ بِهَذِهِ الْحَارَةِ، وَأَمَّا لَا أُسَاكِنُهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَيَنْتَقِلُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ كَالْقِسْمِ الثَّالِثِ إنْ صَغُرَتْ.
فَإِنْ كَبُرَتْ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا يَتَوَقَّفُ بِرُّهُ عَلَى انْتِقَالِهِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى تَرْكِ مُقَارَبَتِهِ وَسُكْنَاهُ مَعَهُ، هَذَا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُسَاكِنُهُ بِدَارٍ أَوْ حَارَةٍ أَوْ حَارَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ لَا أُسَاكِنُهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَالظَّاهِرُ انْتِقَالُهُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ وَكُلٌّ بِقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ فَمَعْنَى انْتِقَالِهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي مَسْقًى أَوْ مُحْتَطَبٍ أَوْ مَسْرَحٍ بَلْ يَتَبَاعَدَ عَنْهُ، فَإِنْ كَبُرَتْ الْبَلْدَتَانِ وَحَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ فَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ عُرْفًا.
وَلَمَّا شَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ أَوْ دَارٍ وَأَفَادَ أَنَّ الِانْتِقَالَ مُخْرِجٌ مِنْ الْحِنْثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَانَ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ فِي الدَّارِ وَجْهٌ آخَرُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ ضَرْبًا) أَيْ وَضَعَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا (جِدَارًا) أَيْ شَرَعَا فِي بِنَائِهِ بِأَثَرِ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَضْرِبَ فَقَدْ يَكُونُ ضَرْبُهُ أَسْرَعَ مِنْ الِانْتِقَالِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَثِيقًا بِطُوبٍ أَوْ بِحَجَرٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْجِدَارُ (جَرِيدًا) فِي حَلِفِهِ لَا أُسَاكِنُهُ بِدُونِ تَعْيِينِ الدَّارِ بَلْ، وَلَوْ عَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ لَا أُسَاكِنُهُ (بِهَذِهِ الدَّارِ) ابْنُ غَازِيٍّ عَطَفَهُ بِأَوْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمَا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِي دَارٍ فَالْحَالِفُ مُخَيَّرٌ فِي الِانْتِقَالِ وَضَرْبِ الْجِدَارِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَأَمَّا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَكَرِهَ الْجِدَارَ فِيهَا.
وَأَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَاجِزِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَثِيقًا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ جَرِيدٍ وَشِبْهِهِ. وَالثَّانِي الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَاجِزِ إذَا عَيَّنَ الدَّارَ فَقَالَ بِهَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا أَمَّا الْجِدَارُ فَبِالْجَرِيدِ فَسَّرَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْمُدَوَّنَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ.