وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ، وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَ) إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ نَاسِيًا حَنِثَ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ يَفْعَلُهُ نَاسِيًا (إنْ أَطْلَقَ) الْحَالِفُ يَمِينَهُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِعَدَمِ النِّسْيَانِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِعَدَمِ النِّسْيَانِ بِأَنْ قَالَ: مَا لَمْ أَنْسَ أَوْ إلَّا نَاسِيًا فَلَا يَحْنَثُ بِالنِّسْيَانِ، وَمِثْلُ النِّسْيَانِ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ مِثَالُ الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ حَلِفُهُ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا فَيَحْنَثُ. وَفِي الْقَوْلِ حَلَفَ لَا يَذْكُرُ فُلَانًا فَذَكَرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ اسْمُ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكَلَّمَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَيَحْنَثُ. وَمِثَالُ الْجَهْلِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَنْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ وَقْتَ كَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِيهِ فَلَا يَدْخُلُهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْوَقْتُ.

(وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ ذِي أَجْزَاءٍ حَنِثَ (بِ) فِعْلِ (الْبَعْضِ) مِنْهُ كَحَلِفِهِ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ لُقْمَةً مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَالَ كُلَّهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ فَتَتَعَلَّقُ يَمِينُهُ بِالْأَجْزَاءِ وَهَذَا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ شَرْطَ إفَادَةِ كُلٍّ الْكُلِّيَّةَ أَنْ لَا تَكُونَ فِي حَيِّزِ نَفْيٍ وَإِلَّا فَلَا تَسْتَغْرِقُ غَالِبًا كَقَوْلِهِ:

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ

وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] ، إلَّا أَنْ يُقَالَ رُوعِيَ فِي الْمَشْهُورِ الْوَجْهُ الْقَلِيلُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى الْوُجُوهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ جُزْءَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ جُزْءَ شَرْطٍ فَفِيهَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا عَتَقَتْ، وَفِيهَا أَيْضًا مَا يُنَاقِضُ هَذَا وَهُوَ إذَا قَالَ لِأَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَعْتِقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَدْ حَصَلَ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهُمَا فِعْلُ جُزْءِ الشَّرْطِ، وَحُمِلَ هَذَا عَلَى كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهَا لِمَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ. وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عِتْقَهُمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ وَحْدَهَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ.

(عَكْسٌ) أَيْ خِلَافُ (الْبِرِّ) فِي يَمِينِ الْحِنْثِ فَلَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015