وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأَيْت عَشْرَةً ثُمَّ تُبَيِّنُ أَنَّك أَرَدْت خَمْسَةً، وَالتَّخْصِيصُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى الْعَامِّ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ فَالْمَجَازُ أَعَمُّ إذْ قَدْ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمُسَمَّى كَرَأَيْت بَحْرًا فِي الْجَامِعِ، فَإِذَا قُلْت رَأَيْت إخْوَتَك مُرِيدًا نِصْفَهُمْ فَهُوَ تَخْصِيصٌ وَمَجَازٌ، وَإِنْ أَرَدْت مَسَاكِنَهُمْ فَهُوَ مَجَازٌ لَا تَخْصِيصٌ.

الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ النَّصِّ الْأَلْفَاظُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ تَعَالَى نَحْوُ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَفْظِ الرَّحْمَنِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ اللَّهِ إجْمَاعًا.

(وَقَيَّدَتْ) أَيْ صَرَفَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ إلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ وَهُوَ اسْمُ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ، وَالنَّكِرَةُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهَا بِقَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ كَرَجُلٍ، فَاللَّفْظُ فِي الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ وَاحِدٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ سُمِّيَ مُطْلَقًا وَاسْمَ جِنْسٍ، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مَعَ قَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ سُمِّيَ نَكِرَةً وَعَدَّ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ الْمُطْلَقَ وَالنَّكِرَةَ وَاحِدًا. ابْنُ السُّبْكِيّ وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا الْمَنَاطِقَةُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَانَ ذَكَرَيْنِ فَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ نَظَرًا لِلتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالْوَحْدَةِ. وَقِيلَ تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ وَالْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ كَعَائِشَةَ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ مِسْمَاتَانِ بِعَائِشَةَ وَكَحَلِفِهِ لَا يَنْظُرُ لِعَيْنٍ مُرِيدًا أَحَدَ مَعَانِيهَا (إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ) .

ابْنُ غَازِيٍّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَلَقٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ الَّتِي تُنِيفُ أَيْ تَزِيدُ وَاَلَّتِي تُسَاوِي أَيْ تُطَابِقُ لَيْسَتْ مُخَصِّصَةً وَلَا مُقَيِّدَةً وَإِنَّمَا الْمُخَصِّصَةُ وَالْمُقَيِّدَةُ الَّتِي تَنْقُصُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: وَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إنْ نَافَتْ أَوْ سَاوَتْ وَإِلَّا خُصِّصَتْ وَقُيِّدَتْ كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي تَلْقِينِهِ بِعَمَلٍ عَلَى النِّيَّةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015