وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ: زِيَادَةُ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ، أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا بِأُدْمٍ: كَشِبَعِهِمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ شَمِلَ مَكَّةَ إذْ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِهَا قَنَاعَةٌ كَقَنَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَيُفِيدُهُ أَيْضًا وَعَلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا وَنَائِبُ نُدِبَ (زِيَادَةُ ثُلُثِهِ) أَيْ الْمُدِّ عِنْدَ أَشْهَبَ (أَوْ نِصْفِهِ) عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ فَأَوْ لِلْخِلَافِ لَا التَّنْوِيعِ وَعِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالِاجْتِهَادِ. طفي هَذَا كَقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ لَوْ زَادَ عَلَى الْمُدِّ مِثْلَ ثُلُثِ مُدٍّ أَوْ نِصْفِ مُدٍّ وَذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ وَسَطَ عَيْشِهِمْ فِي غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ وَمَنْ أَخْرَجَ مُدًّا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَجْزَأَهُ. ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو الْحَسَنِ أَحَبُّ إلَيْنَا يَعْنِي الْمُؤَلِّفَ نَفْسَهُ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَإِنَّ لَهُمْ عَيْشًا غَيْرَ عَيْشِنَا فَلْيُخْرِجُوا وَسَطًا مِنْ عَيْشِهِمْ، وُجُوبُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدِّ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ، فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ ظَاهِرِهَا إلَى اخْتِيَارِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَقَدْ أَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا.

وَجَعَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا أَخْرَجَ الْمُدَّ أَجْزَأَهُ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدِّ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ كَقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَحُدَّ الزِّيَادَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُلُثُهُ أَوْ نِصْفُهُ لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ سِوَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مِصْرَ وَمَا قَارَبَهَا فِي سَعَةِ الْقُوتِ، وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلْخِلَافِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (أَوْ رِطْلَانِ) بَغْدَادِيَّانِ (خُبْزًا) تَمْيِيزٌ لِرِطْلَيْنِ (بِأُدْمٍ) يَكْفِي الرِّطْلَيْنِ عَادَةً وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا الْمُدُّ بِإِدَامٍ نَدْبًا وَظَاهِرُهُ أَيْ إدَامٌ فَيَشْمَلُ اللَّحْمَ وَاللَّبَنَ وَالزَّيْتَ وَالْبَقْلَ وَالْقُطْنِيَّةَ وَالتَّمْرَ.

وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَشِبَعِهِمْ) مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطّ وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ مَرَّتَيْنِ بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الرِّطْلَيْنِ اللَّذَيْنِ يُؤْكَلَانِ فِي مَرَّتَيْنِ غَالِبًا سَوَاءٌ تَوَالَتْ الْمَرَّتَانِ أَمْ لَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا أَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015