وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصْدُ حِلِّ الْيَمِينِ بِهِ وَنِيَّةُ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ تَحْرِيمًا لِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا سَيَقُولُ وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ) أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهِيَ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْحَلَالِ وَأَرَادَ بِهِ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ فَلَمْ يُرِدْ عُمُومَهُ لَا تَنَاوُلًا وَلَا حُكْمًا فَهُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَهُوَ الَّذِي عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا لِقَرِينَةِ التَّخْصِيصِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالْقَوْمُ فِي قَوْلِنَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى زَيْدٍ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَامِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَاهُ فَلَا يُقَالُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ إخْبَارٌ عَنْ زَيْدٍ بِأَنَّهُ قَامَ وَبِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ. فَإِنْ قُلْت مَا الْمَانِعُ مِنْ انْدِرَاجِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ فَالْحَلَالُ فِي قَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى الزَّوْجَةِ، وَالْحُكْمُ بِالتَّحْرِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَاهَا كَمَا فِي قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا. قُلْت عَدَمُ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا، وَالنِّيَّةُ خَفِيَّةٌ فَلَيْسَتْ قَرِينَةً لَفْظِيَّةً أَفَادَهُ عب.
الْبُنَانِيُّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمُحَاشَاةَ أَصْلُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَتَبِعَهُ اللَّخْمِيُّ وَفَسَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ وَقَبِلَهُ ابْنُ نَاجِي عَلَيْهَا وَنَقَلَهُ الْحَطّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصِّصَةَ إنْ كَانَتْ أَوَّلًا نَفَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ تَنْفَعْ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لَفْظًا وَتَعَقَّبَهُ مُصْطَفَى بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطُ الْأَوَّلِيَّةِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا كَالنِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ. الْقَرَافِيُّ الْمُحَاشَاةُ هِيَ التَّخْصِيصُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَلَيْسَتْ شَيْئًا غَيْرَ التَّخْصِيصِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ شَرْطُ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ حُصُولُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْيَمِينِ فَهِيَ بَعْدَهَا وَلَوْ وَصَلَتْ بِهَا لَغْوٌ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْصِيلَ ابْنِ مُحْرِزٍ ثَالِثًا مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ هَارُونَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الْمَشْهُورِ وَإِسْقَاطُ لَفْظِ أَوَّلًا.
ثَانِيهِمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَمَنْ تَبِعَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَاشَاةَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا خَاصَّةٌ