الباب السابع: "في ذكر من كره من العلماء الاقتصار على القراءات السبع وأن ذلك سبب نسبتهم ابن مجاهد إلى التقصير"
اعلم أن العلماء إنما كرهوا ممن اقتصر على السبع من كان يعتقد أنها التي أردها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" وأنه يقول إن ما عداها شاذ وإلا لو اقتصر شخص على قراءة واحدة أو بعض قراءة غير معتقد بسببها اعتقادا خطأ يجوز له ذلك بلا خلاف بين العلماء من غير كراهة. قال الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي: فأما اقتصار أهل الأمصار في الأغلب على نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، فذهب إليه بعض المتأخرين اختصارا واختيارا فجعله عامة الناس كالفرض المحتم حتى إذا سمع ما يخالفنها خطأ وكفر وربما كانت أظهر وأشهر قال: ثم اقتصر من قلت عنايته على راويين لكل إمام منهم فصار إذا سمع قراءة راوٍ روى عنه غيرهما أبطلها وربما كانت أشهر قال: ولقد فعل مسبع هؤلاء ما لا ينبغي له أن يفعله وأشكل على العامة حتى جهلوا ما لا يسعهم جهله وأوهم كل من قل نظره أن هذه هي المذكورة في الخبر النبوي لا غير وأكدوهم السابق اللاحق. قال: وليته إذا اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل هذه الشبهة قلت: يعني ابن مجاهد ومن تبعه في الاقتصار على ذكر هؤلاء السبعة قال الجعبري في قصيدته نهج الدماثة:
وأغفل ذوا التسبيع مبهم قصده ... فزل به الجم الغفير فجهلا
وناقضه فيه ولو صح لاقتدى ... وكم حاذق قال المسبع أخطلا
قلت: يعني ابن مجاهد أيضا بكونه لم يعين مقصوده في جمع سبعة أئمة فتوهم الناس أنه جمع الأحرف السبعة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم ولقد صدق الجعبري رحمه الله فإن هذه الشبهة قد استحكمت عند كثير من العوام حتى لو سمع أحد قراءة لغير هؤلاء الأئمة السبعة أو من غير هذين الراويين لسماها شاذة ولعلها تكون مثلها أو أقوى فقال في