ونزر من بحر، وبيان ذلك أن في هذه الكتب مثلا قراءة نافع من رواية ورش وقالون، وقد روى الناس عن نافع غير ورش وقالون، منهم إسماعيل بن جعفر المدني وأبو خليد وابن جماز والأصمعي والمسيبي وغيرهم وفي هؤلاء من هو أعلم وأوثق من ورش وقالون، ثم روى أصحابنا رواية ورش عن أبي يعقوب عن الأزرق، ولم يتسع لهم أن يضمنوا كتبهم رواية يونس بن عبد الأعلى وداود بن أبي طيبة وأبي الأزهر قرءوا على ورش، وفيهم من هو أعلى وأوثق من ورش، وهذا أنموذج مما روى أصحابنا في كتبهم، وكذا العمل في كل قارئ قرأ وكل راوٍ روى من الأربعة عشر روايا الذين ضمنهم أصحابنا كتبهم.

وأما أن هذه القراءات السبع التي حواها التيسير لأبي عمرو الداني هي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه أنه قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" 1 فليس كذلك، وتفسير الحديث بهذه القراءات السبع خطأ فاحش وجهل من قائله، ولم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها إلا في قرن الأربعمائة جمعها أبو بكر بن مجاهد، ولم يكن متسع الرواية والرحلة كغيره ممن هو أوسع رحلة وأجمع للروايات. وأما هل يجوز أن يقرأ القارئ بالقراءات العشر؟ وهل قرئ بها في أمصار المسلمين؟ نعم يجوز ذلك، وقرئ بها في أمصار المسلمين لا نعلم أحدا من المسلمين حظر القراءة بالثلاث الزائدة على السبع، وهي قراءة يعقوب واختيار خلف وقراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع، فأما قراءة يعقوب فإنه قرأ بها على سلام الطويل وقرأ سلام على أبي عمرو بن العلاء، فسلام كواحد ممن قرأ على أبي عمرو وكأبي محمد اليزيدي وغيره. وقرأ سلام أيضا على عاصم بن أبي النجود فسلام كواحد ممن قرأ على عاصم كأبي بكر بن عياش وغيره، وأما اختيار خلف فهو وإن خالف حمزة فقد وافق واحدا من الستة القراء، وأما أبو جعفر يزيد بن القعقاع فروى عنه قراءته أحد القراء السبعة، وهو نافع بن عبد الرحمن وأقرأ بها القرآن، ورواها عنه جماعة منهم قالون، وكان أبو جعفر قد عرض القرآن على حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وعرض عبد الله بن عباس على أبي بن كعب رضي الله عنه، وعرض أبي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم ورع المسلمين عبد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015