تكادُ إذا فارت على الركبِ تلتظي ... وديقتها يشوي الوجوهَ التهابها
قطعتُ بمجذامِ الرواحِ شملةٍ ... إذا باخَ لوثُ العيسِ ناجٍ هيابها
سفينةُ برٍّ حينَ يستوقدُ الحصى ... ويزدالُ في البيدِ الشخوصَ سرابها
وإني لمن جرثومةٍ تلتقي الحصى ... عليها ومن أنسابِ بكرٍ لبابها
ومن مالكٍ آل القلمسِ فيهم ... لنا سرُّ أعراقٍ كريمٍ نصابها
وعبدُ مناةَ الأكثرونَ لعزهم ... بوادرُ يخشى حدها وذبابها
عرانينُ تنميها كنانةُ قصرةً ... نصابُ قريشٍ في الأرومِ نصابها
وفرعُ قريشٍ فرعنا وانتسابنا ... إلى والدٍ محضٍ إليهِ انتسابها
قرابتنا من بينِ كلِّ قرابةٍ ... وليس بدعوى جلَّ عنها اجتلابها
ومكةُ من ينكر من الناسِ يلقنا ... بمعرفةٍ بطحاؤها وخشابها
فنحنُ خيارُ الناسِ كلُّ قبيلةٍ ... تذلُّ بما نقضي عليها رقابها
ورثنا رسولَ اللهِ بعدَ نبوةٍ ... خلافةُ ملكٍ لا يرامُ اغتصابها
وعدلاً وحكماً تنتهي عندَ فضلهِ ... ونخمدُ نارَ الحربِ يصرفُ نابها
وما جبلٌ إلاَّ لنا فوقَ فرعهِ ... فروعُ جبالٍ مشمخرٌّ صعابها
وهل أحدٌ إلاَّ وطئنا بلادهُ ... بملمومةِ الأركانِ ذاكٍ شهابها
كتائبُ قد كادت كراديسُ خيلها ... يسدُّ استجاراً مطلعَ الشمس غابها
لو أنَّ جموعَ الجنِّ والإنسِ أجلبت ... لنا صدها عما تريدُ ضرابها
لنا نسبٌ محضٌ وأحلامُ سادةٍ ... بحورٌ لدى المعروفِ طامٍ عبابها
وألويةٌ يمشونَ للموتِ تحتها ... إذا خفقت مشيَ الأسودِ عقابها
همُ يحلبون الحربَ أخلافَ درها ... ويمرونها حتى يغيضَ حلابها
وهم خيرُ من هزَّ المطي وأقصرت ... جمار منى يوماً ولفت حصابها
وأكرمُ من يمشي على الأرضِ صفيت ... لهم طيبةٌ طابت وطابَ ترابها
ملوكٌ يدينونَ الملوكَ إذا أبوا ... فلم يأذنوا لم يرجَ كرهاً خطابها
وما في يدٍ نلنا بها من ذا حميةٍ ... وإن ذاقَ طعمَ الذلِّ إلا احتسابها
إذا ما رضوا كان الرضاءُ رضاءهم ... وإن غضبوا أوهى الأديمَ غضابها
ولولاهمُ لم يهتدِ الناسُ دينهم ... وضلوا ضلالَ النيبِ تعوي سقابها
ولم يهلكوا إلاَّ على جاهيلةٍ ... عصاها عليهم ترتبٌ وعذابها
ولكن بها بعدَ الإلهِ تبينوا ... شرائعَ حقٍّ كانَ نوراً صوابها
وما أخذت في أولِ الأمرِ عصبةٌ ... لنا صفرت من نصحِ جيبٍ عيابها
ونحنُ وجوهُ المسلمينَ وخيرهم ... نجاراً كما خيرُ الجيادِ عرابها
وقال عروة بن أذينة:
صرمتَ سعيدةَ صرماً نجاثا ... ومنتكَ عاجلَ بذلٍ فراثا
وأصبحتَ كالمستبيثِ الجوادِ ... فينا فأوجعهُ ما استباثا
كذي الكلمِ داملهُ ثمَّ خافَ ... منهُ خلافَ الجفوفِ انتكاثا
وللصرمِ هولٌ على ذي الهوى ... وإن لجَّ يدعو إليهِ احتثاثا
إذا ذاقهُ لم يجد راحةً ... تعدى ولم يلقَ منهُ غياثا
وعهدي بسعدى لها بهجةٌ ... كأمِّ الأديغمِ تقرو براثا
تنسسهُ وترى أنهُ ... صغيرٌ وقد رشحتهُ ثلاثا
خلالَ ظلالِ أراكِ الأميلِ ... يجني بريراً وطوراً كباثا
وما ذكرُ سعدى وقد باعدت ... وعادَ قوى الحبلِ منها رماثا
لعمري لئن ربعُ سعدى عفا ... بشوظى لقد ضمَّ بيضاً دماثا
فبنَّ وفيهنَّ ما لو أقامَ ... أقللتُ عمن يبينُ اكتراثا
كأنَّ القلائدَ في جيدها ... إلى حيثُ يعقدُ منها الرعاثا
منَ الدرِّ يحفلُ ياقوتهُ ... كجمر الغضا يتلظى مجاثا
على ظبيةٍ مغزلٍ أشرفت ... لخشفٍ لها لم يلحها ارتغاثا
وقد أضمنُ السرَّ مستودعاً ... يسايلُ من سالَ عنهُ نقاثا
وأطوي الخليلَ على حالةٍ ... إذا ضمنَ السرَّ إلا انقباثا
وضيفٍ خرجتُ إلى صوتهِ ... أرحبُ لم ير مني التباثا
أناخَ فعجلتُ حقَّ القرى ... وكنتُ بهِ لا أحبُّ اللباثا
ومولى مسيءٍ إلى نفسهِ ... كحاثي التراب عليهِ انبثاثا
يضلُّ عن الرشدِ في رأيهِ ... ويأبى إلى الغي إلاَّ انخثاثا