بأحسنَ منْ سليمَى إذْ تراءتْ ... إذا ما ريعَ منْ سَدَفٍ فَقَامَا

وما إنْ يخلُ وجرُ إذا استقلتْ ... مكممةً وقاربتِ الصراما

لها سحقٌ ومنها دانياتٌ ... جوانحُ يزدحمنَ بها ازدحامَا

بأحسنَ من ظعائنَ آلِ سلمى ... غداةَ نهلنَ ضاحيةَ سنامَا

فيممنَ اليمامةَ معرقاتٍ ... وشِمْنَ بروضِ عالجَة الغمامَا

فإمَّا تعرضِي يا سلمَ عني ... وأصبِحُ لا أكلمُكُمْ كلامَا

فربَّ نجيبةٍ أعملتُ حتى ... تقومَ إذا لويتُ لها الزمامَا

وحتى تتبعَ الغربانُ منها ... ندوبَ الرَّحلِ لا تُعدي سنامَا

فتوردَني لربعٍ أو لخمسٍ ... مياةَ القيظِ طاميةً جماما

قليلاً من عليها غيرَ أني ... أثورُ من مدارجِهَا الحَمَاما

ذعرتُ الذئبَ يحفرُ كلَّ حوضٍ ... ويقضمُ من معاطنِهَا العظامَا

ويومٍ قد شهدتُ به صحابي ... يقضي القومَ غنماً واقتسامَا

تخالُ ركابهُمْ في كلِّ فَجٍّ ... إذا قامتْ مخطمةً قِعامَا

عمرو بن قميئة

قال عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك من بني قيس بن ثعلبة: الطويل

أرى جارتي خفتْ وخفَّ نصيحها ... وحبَّ بها لولا النَوى وطموحُها

فبيني على نجمٍ شخيسٍ نحوسهُ ... وأشأمُ طيرِ الزَّاجرينَ سنيحُها

فإنْ تشغَبي فالشَّغْبُ منِّي سَجيَّةٌ ... إذا شِيمَتي لَمْ يُؤْت منها سَجيحُها

على أنَّ قومِي أشقَذُوني فأصبحتْ ... ديارِي بأرض غيرَ دانٍ نبُوحُها

أقارِضُ أقواماً فأوفي قروضَهُمْ ... وعفٌّ إذا أردَى النفُوسَ شحيحُها

تنفذُ منهمْ نافِذاتٌ فسؤنَني ... وأضمرَ أضغَاناً عليَّ كشوحُها

فقلتُ: فراقُ الدارِ أجملُ بيننا ... وقدْ ينتئ عنْ دارِ سوءِ نزيحُها

على أنني قدْ أدَّعي بأبيهم ... إذا عمَّتِ الدعوَى وثابَ صريحُها

وأنِّي أرى ديني يوافقُ دينهم ... إذا نسكُوا أفراعُها وذبيحُها

ومنزلةٍ بالحَجِّ أخرَى عرفتها ... لها بقعةٌ لا يُستطاعُ بروحها

بودّكَ ما قومي على أنْ تركتهم ... سليمَى إذا هبتْ شمالٌ وريحُها

إذا النجمُ أمسَى مغربَ الشمسِ دائباً ... ولم يكُ برقٌ في السماءِ يليحُها

وغابَ شعاعُ الشمسِ منْ غيرِ جلبةٍ ... ولا غمرةٍ إلا وشيكاً مصوحُها

وهاجَ عمَاءٌ مقشعرٌّ كأنهُ ... نقيلةُ نعلٍ بانَ منها سريحُها

إذا أعدمَ المحلوبُ عادَتْ عليهمُ ... قدورٌ كثيرٌ في القِصاعِ قديحُها

يثوبُ إليها كلُّ ضيفٍ وجانبٍ ... كما ردّ دهداهَ القِلاصِ نضيحُها

بأيديهم مقرومةٌ ومغالقٌ ... يعودُ بأرزاقِ العيالِ منيحُها

وملمومةٍ لا يخرقُ الطرفَ عرضَها ... لها كوكَبٌ ضخمٌ شديدٌ وضوحُها

تسيرُ وتزجي السمَّ تحت نحورِها ... كريهٌ إلى منْ فاجأتهُ صبوحُها

على مقدَحِراتٍ وهنَّ عوابسٌ ... صبائِر موتٍ لا يُراحُ مريحُها

نبذنا إليهم دعوةً يالَ عامرٍ ... لَها إربةٌ إنْ لمْ تجدْ من يريحُها

وأرماحُنا ينهزنَ نهزةَ جمةٍ ... يعود عليهم وردنا فنميحُها

فدَارَتْ رحانا ساعةً ورحاهُمُ ... وردتْ طباقاً بعْد بكءٍ لقوحُها

فَمَا أتلفَتْ أيديهم منْ نفوسنا ... وإنْ كرمَتْ فإننا لا ننوحُها

فقلنا: هي النهبَى وحلً حرامُها ... وكانتْ حمًى ما قبلنا فنبيحُها

فأبنَا وآبُوا كلَّنا بمضيضةٍ ... مهملة أجراحُنا وجُروحُها

وكُنَّا إذا أحلامُ قومٍ تغيبتْ ... نشحُّ على أحلامِنا فنريحُها

وقال عمرو بن قميئة أيضاً: الطويل

إنْ أكُ قَدْ أقصرتُ عنْ طولِ رحلةٍ ... فيا ربَّ أصحابٍ بعثتُ كرامِ

فقلتُ لهم سيروا فدًى خالتي لكمْ ... أما تجدونَ الريحَ ذاتَ سهامِ

فقاموا إلى عيسٍ قد انضمَّ لحمُها ... موقفةٍ أرساغُها بخدامِ

وقمتُ إلى وجناءَ كالفَحْلِ جبلةٍ ... تجاوبُ شدِيَّ نسعَها ببغامِ

فأوردتهمْ ماءً على حينِ وردِهِ ... عليهِ خليطٌ من قطاً وحمامِ

وأهونُ كفٍّ لا تضيرُكَ ضيرةً ... يدٌ بينَ أيدٍ في إناءِ طعامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015