لم يبقِ من كبدِي شيئاً أعيشُ بهِ ... طولُ الصَّبابةِ والبيضُ الهراكيلُ

من كلِّ بدَّاءَ في البردينِ يشغلها ... عن حاجةِ الحيِّ علاَّمٌ وتحجيلُ

ممَّا تجولُ وِشاحاها إذا انصرفتْ ... ولا تحولُ بساقيْها الخلاخيلُ

يستنُّ أعداءَ متنَيها ولبَّتها ... مرجَّلٌ منهلٌ بالمسكِ معلولُ

تمرُّهُ عكفَ الأطرافِ ذا غدرٍ ... كأنَّهنَّ عناقيدُ القرى الميلُ

هيفُ المردَّى رداحٌ في تأوُّدها ... محطوطَة المتنِ والأحشاءِ عُطبولُ

كأنَّ بينَ تراقيها ولبَّتها ... جمراً من نجومِ الليلِ تفصيلُ

تشفي من السَّل والبرسامِ ريقتُها ... سقمٌ لمنْ أسقمتْ داءٌ عقابيلُ

تشفي الصَّدا أينما مالَ الضَّجيعُ بها ... بعدَ الكرى ريقةٌ وتقبيلُ

يصبو إليها ولو كانوا على عجلٍ ... بالشِّعبِ من مكَّة الشِّيبُ المثاكيلُ

تسبي القلوبَ فمنْ زوَّارها دنفٌ ... يعتدُّ آخرَ دنياهُ ومقتولُ

كأنَّ ضحكتَها يوماً إذا ابتسمتْ ... برقٌ سحائبهُ غزرٌ زهاليلُ

كأنَّه زهرٌ جاءَ الجناةُ بهِ ... مستطرفٌ طيِّبُ الأرواحِ مطلولُ

كأنَّها حينَ ينضو النومُ مفضلَها ... سبيكةٌ لم تخوِّنها المثاقيلُ

أو مزنةٌ كشفتْ عنها الصّبارَ هجاً ... حتَّى بدا ريِّقٌ منها وتكليلُ

أو بيضةٌ بين أجمادٍ يقلِّبها ... بالمنكبينِ سخامُ الزِّفِّ إجْفيلُ

يخشى النَّدى فيولِّيها مقاتلهُ ... حتَّى يُوافي قرنَ الشَّمسِ ترجيلُ

أو نعجةٌ من إراخِ الرَّملِ أخذلها ... عن ألفها واضحُ الخدَّينِ مكحولُ

بشقَّةٍ من نقا العزَّافِ يسكنُها ... جنُّ الصَّريمةِ والعينُ المطافيلُ

قالتْ لها النَّفسُ كوني عندَ مولدهِ ... إنَّ المُسيكينَ إنْ جاوزتِ مأكولُ

فالقلبُ يُعنى بروعاتٍ تفزِّعهُ ... واللَّحمُ من شدَّةِ الإشفاقِ مخلولُ

يعتادهُ بفؤادٍ غيرَ مقتَسمٍ ... ودرَّةٍ لم تخوّنها الأحاليلُ

حتَّى احتوى بكرَها بالجوِّ مطّردٌ ... سمعمعٌ أهرتُ الشِّدقينِ هُذلولُ

شدَّ المماضغَ منهُ كلَّ منصرفٍ ... من جانبيهِ وفي الخرطومِ تسهيلُ

لم يبقَ من زغبٍ طارَ النَّسيلُ بهِ ... على قَرى ظهرهِ إلاّ شماليلُ

كأنَّ ما بينَ عينيهِ وزبرتهِ ... من صبغهِ في دماءِ القومِ منديلُ

كالرُّمحِ أرقلَ في الكفَّينِ واطَّردتْ ... منهُ القناةُ وفيها لهذمٌ غولُ

يطوي المفاوزَ غِيطاناً ومنهلهُ ... من قلَّةِ الحزنِ أحواضٌ عداميلُ

لمَّا دعا الدَّعوةَ الأولى فاسمعها ... ودونهُ شقَّةٌ ميلانِ أو ميلُ

كادَ اللُّعاعُ من الحواذنِ يشحطُها ... ورجرجٌ بين لحييْها خناطيلُ

تُذري الخُزامى بأظلافٍ مخذرفةٍ ... ووقعهنَّ إذا وقعنَ تحليلُ

حتَّى أتتْ مربضَ المسكينِ تنحتهُ ... وحولهُ قطعٌ منها رعابيلُ

بحْثَ الكعابِ لقلبٍ في ملاعبِها ... وفي اليدينِ من الحنَّاءِ تفصيلُ

وقال جران العود:

طربْنا حينَ راجعَنا ادِّكارُ ... وحاجاتٌ عرضنَ لنا كبارُ

لحقنَ بنا ونحنُ على ثميلٍ ... كما لحقتْ بقائدها القطارُ

فرقرقتِ النِّطافَ عيونُ صحْبي ... قليلاً ثمَّ لجَّ بها انحدارُ

فظاَّتْ عينُ أجلَدِنا مروحاً ... مراحاً في عواقبهِ ابتدارُ

كشولٍ في معيَّنةٍ مروحٍ ... تشدُّ على وهيَّتها المرارُ

وكنَّا جيرةً بشعابِ نجدٍ ... فحقَّ البينُ وانقطعَ الجوارُ

سما طرفي غداةَ أثَيفياتٍ ... وقد يُهدي التَّشوُّقُ إذ غاروا

إلى ظعنٍ لأختِ بني غفارٍ ... بكابةَ حيثُ زاحمها العفارُ

يرجِّحنَ الحمولَ مصعِّداتٍ ... لعكَّاشٍ وقدْ يئسَ القرارُ

ويمَّمنَ الرِّكابَ بناتِ نعشٍ ... وفينا عن مغاربها ازورارُ

نجومٌ يرعوينَ إلى نجومٍ ... كما فاءتْ إلى الرُّبعِ الظُّؤارُ

فقلتُ وقلَّ ذاكَ لهنَّ منِّي ... سقى بلداً حللنَ بهِ القطارُ

رأيتُ وصُحبتي بخناصراتٍ ... حمولاً بعدَ ما متعَ النَّهارُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015