ذكرتُ وقدْ لاحتْ منَ الصُّبحِ غرَّةٌ ... وولَّتْ نجومُ اللَّيلِ إلاَّ التَّواليا

عراقيَّةً لا أنتَ صارمُ حبلِها ... ولا وصلُها بالنَّجدِ أصبحَ دانِيا

سمعتُ وأصحابي تخبُّ ركابهمْ ... بصحراءِ فيدٍ من هنيدةَ داعِيا

فلمَّا سمعتُ الصَّوتَ عوَّجَ صُحبتي ... مهارَى مِن الإيجافِ صعراً صوادِيا

مسانيفُ لا يُلقينَ إلاَّ روائحاً ... إلى حاجةٍ يطلبنَها أو غوادِيا

يدعنَ الحصى رفضاً إذا القومُ رفَّعوا ... لهنَّ بأجوازِ الفلاةِ المثانِيا

إذا اختلفتْ أخفافهنَّ بقفرةٍ ... ترامى الحصى مِنْ وقعهنَّ تراقِيا

إذا قسنَ أرضاً لمْ يقلنَ بها غداً ... خبطنَ بها حلساً منَ اللَّيلِ داجِيا

تراهنَّ مثلَ الخيمِ خوَّى فروجهُ ... وأمسكَ متناهُ الثُّمامَ الأعالِيا

ومجدولةِ الأعناقِ حلِّينَ حبوةً ... يجلِّلنَ مِن دوحِ العضاهِ المدارِيا

ذعرتُ بركبٍ يطلبونكَ بعدَما ... تجلَّلَ رقراقُ السَّرابِ المقارِيا

على قلصٍ يضبعنَ بالقومِ بعدَما ... وطئنَ دماً مِن مسحهنَّ الصَّحارِيا

وظلماءَ مِن جرَّاكِ جبتُ وقفرةٍ ... وضعتُ بها شقّاً عنِ النَّومِ جافِيا

إلى دفِّ هلواعٍ كأنَّ زمامَها ... قَرى حيَّةٍ تخشى منَ السِّندِ حاوِيا

تبيتُ إذا ما الجيشُ نامتْ ركابهُ ... تثيرُ الحصى حيثُ افتحصنَ الأداحِيا

إذا ما انْجلى عنها الظَّلامُ رأيتَها ... كأنَّ عليها مطلعَ الشَّمسِ بادِيا

وشاوٍ كظاظٍ قدْ شهدتُ وموقفٍ ... تسامَى بهِ أيدي الخصومِ تسامِيا

شهدتُ فلمْ تتبعْ مقامي ملامةٌ ... ولمْ أُبلَ فيهِ عاجزاً مُتوانِيا

وإنِّي لأستحيي إذا ما تُحضِّرتْ ... عيونٌ وأستحيي إذا كنتُ خالِيا

فأعزفُ نفسي عنْ مطاعمَ جمَّةٍ ... وأربطُ للَّهوِ المخوفِ جنانِيا

إذا التفتَ ابنُ العمِّ للنَّصرِ سرَّهُ ... إذا خافَ إضرارَ الخصومِ مكانِيا

ولمْ أُلقَ يوماً عندَ أمرٍ يهمُّني ... كئيباً ولا جذلان إنْ كنتُ راضِيا

ولم تبلَ منِّي نبوةٌ ملمَّةٍ ... ولا عثرةٌ فيما مضى مِنْ زمانِيا

وعوراءَ مِن قيلِ امرئٍ قدْ رددتُها ... بمبصرةٍ للعذرِ لمْ يدرِ ما هِيا

طلبتُ بها فضلي عليهِ ولمْ يكنْ ... ليدركَ سعْيي إنْ عددنا المساعِيا

أنا ابنُ أبي صخرٍ بهِ أدركُ العُلا ... وثور النَّدى والهيثم الخيرِ خالِيا

أنا ابنُ رئيسِ القومِ يومَ يقودهمْ ... بتعشارَ إذْ هزَّ الكماةُ العوالِيا

فآبَ ببَزِّ السَّلهبينِ كلاهما ... وأبكَى على ابنِ الثَّعلبيّ البواكِيا

ولمَّا زجرنا الخيلَ خاضتْ بنا القنا ... كما خاضتِ البزلُ النّهاء الطَّوامِيا

رمَونا برشقٍ ثمَّ إنَّ سيوفَنا ... وردنَ فأبطرنَ القبيلَ التَّرامِيا

ولمْ يكُ وقعَ النّبلِ يقدعُ خيلَنا ... إذا ما عقدنا للطّعانِ النَّواصِيا

أبا جنبرٍ أبصرْ طريقكَ والتمسْ ... سوى حقِّنا معداكَ إنْ كنتَ عادِيا

فإنَّ لنا الخيلَ التي كنتَ تتَّقي ... بفرسانِها يومَ الصَّباحِ العوالِيا

منعناكمُ يومَ النِّسارِ وأنتمُ ... قعودٌ بجوٍّ يحرثونَ التَّوادِيا

وبالعرضِ نجَّينا أباكَ وقدْ رأى ... على رأسهِ طُلاً منَ السَّيفِ غاشِيا

ونحنُ رددْنا حكمَ دلجةَ بعدَما ... تتبَّعَ خرزاً منْ أديمكَ واهِيا

ألمْ ترني أوْفيتُ جحوانَ حقَّها ... وفرَّجتُ غمَّيْ مدركٍ إذْ دعانِيا

وكيفَ أُحابي النَّفسَ في حقِّ فقعسٍ ... وإيَّايَ يدعوني الكميَّ المحامِيا

فلستُ براضٍ حينَ تغضبُ فقعسٌ ... ولا محلبٌ يوماً عليها الأعادِيا

فدعْ منزلَ القومِ المحقِّينَ والتمسْ ... لضانكَ مِنْ جشرٍ بهِ التِّبنُ وادِيا

رقيع

وقال رقيع، واسمه عمارة بن حبيب أخو بني أسامة بن نمير بن والبة، وهو إسلامي في أول زمن معاوية بن أبي سفيان:

أمنْ دمنةٍ مِن آلِ ليلى غَشيتها ... على تمِّ حولٍ ماءُ عينيكَ سافِحُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015