فوارسُنا بدار وذي قساءٍ ... وأيسارَ الهريَّةِ والطِّراقِ
يجرُّونَ العضال إلى الندامى ... بروض الحزن من كنفي أفاق
ويغلون السِّباءَ إذا لقوهُ ... بربع الخيلِ والشَّولِ الحقاقِ
إذا اتَّصلوا وقالوا يالَ غرفٍ ... وراحُوا في المحبَّرةِ الرِّقاقِ
أجابكَ كلُّ أروعَ شمّريٌّ ... رخيُّ البالِ منطلقُ الخناقِ
أناسٌ صالحونَ نشأتُ فيهمْ ... فأودَوا بعدَ إلفٍ واتِّساقِ
مضَوا لسبيلهمْ ولبثتُ عنهمْ ... ولكنْ لا محالةَ مِن لحاقِ
كذي الأُلاَّفِ إذ أدلجنَ عنهُ ... فحنَّ ولا يتوقُ إلى متاقِ
أرى الدُّنيا ونحنُ نعيثُ فيها ... مولِّيةً تهيَّأُ لانطلاقِ
أعاذلَ قدْ بقيتُ بقاءَ نفسٍ ... وما حيٌّ على الدُّنيا بباقِ
كأنَّ الشَّيبَ والأحداثَ تجري ... إلى نفسِ الفتى فرسا سباقِ
فإمَّا الشَّيبُ يدركهُ وإمَّا ... يُلاقي حتفهُ فيما يُلاقي
فإنْ تك لمَّتي بالشَّيبِ أمستْ ... شميطَ اللَّونِ واضحةَ المشاقِ
فقدْ أغدو بداجيةٍ أُربِّي ... بها المتطلِّعاتِ منَ الرِّواقِ
إليَّ كأنَّهنَّ ظباءُ قفرٍ ... برهبَى أوْ بباعجتيْ فتاقِ
وقدْ تلهُو إليَّ منعَّماتٌ ... سواجي الطَّرفِ بالنَّظرِ البراقِ
يُرامقنَ الجبالَ بغيرِ وصلٍ ... وليسَ وصال حبلِي بالرِّماقِ
وعهدُ الغانياتِ كعهدِ قينٍ ... ونتْ عنهُ الجعائلُ مستذاقِ
كجلبِ السَّوءِ يعجبُ مَن رآهُ ... ولا يشفي الحوائمَ مِنْ لماقِ
فلا يبعدْ مضائي في الميامِي ... وإشرافي العلايةَ وانْصفاقي
وغبراءَ القتامِ جلوتُ عنِّي ... بعجْلى الطَّرفِ سالمةَ المآقي
وقد طوَّفتُ في الآفاقِ حتَّى ... سئمتُ النَّصَّ بالقلصِ العتاقِ
هبطتُ السَّيلحينِ وذاتَ عرقٍ ... وأوردتُ المطيَّ عُلى حذاقِ
وكمْ قاسيتُ من سنَةٍ جمادٍ ... تعصُّ اللَّحمَ ما دونَ العُراقِ
إذا أفنيتُها بدِّلتُ أُخرى ... أعدُّ شهورها عددَ الأواقي
فأفنتْني السّنون وليسَ تفنَى ... وتعدادُ الأهلَّةِ والمحاقِ
وما سبقَ الحوادثَ ليثُ غابٍ ... يجرُّ لعرسهِ جزرَ الرِّفاقِ
كميتٌ تعجزُ الحلفاءُ عنهُ ... كبغلِ المرجِ حطَّ منَ الزِّناقِ
تنازعهُ الفريسةَ أمُّ شبلٍ ... عبوسُ الوجهِ فاحشةُ العناقِ
ولا بطلٌ تفادَى الخيلَ منُ ... فرارَ الطَّيرِ من بردٍ بعاقِ
كريمٌ مِن خزيمةَ أو تميمٍ ... أغرُّ على مسافعةٍ مزاقِ
فذلكَ إنْ تخطأهُ المنايا ... فكيفَ يقيهِ طولَ الدَّهرِ واقِ
وقال نهشل حين هرب إلى بني سعد بن زيد مناة لما جدعوا أذن نهيك بن الحارث بن نهيك:
سمتْ لكَ حاجةٌ منْ حبِّ سلمى ... وصحبكَ بينَ عروَى والطُّواحِ
فبتُّ كذي اللَّذاذةِ خالستهُ ... فراتُ المزجِ عاليةُ الرِّباحِ
سَباها تاجرٌ منْ أذرعاتٍ ... بأغلاءِ العطيَّةِ والسَّماحِ
ولستَ بعازفٍ عن ذكرِ سلمى ... وقلبكَ عن تماضرَ غيرُ صاحِ
تبسَّمُ عنْ حصَى بردٍ عذابٍ ... أغرَّ كأنَّهُ نورُ الأقاحي
إذا ما ذقتهُ عسلٌ مصفَّى ... جنتهُ النَّحلُ في علمٍ شناحِ
وقدْ قطعتْ تماضرُ بطنَ قوٍّ ... يمانيةَ التَّهجُّرِ والرَّواحِ
كأنَّ حمولَها لمَّا استقلَّت ... بذي الأحزابِ أسفلَ منْ نساحِ
خلايا زنبريٍّ عابراتٍ ... عَدَوْلى عامداتٍ للقراحِ
كأنَّ منازلاً بالفأوِ منها ... مدادُ معلّمٍ يتلوهُ واحي
وما يومٌ تحيِّيهِ سليمى ... بخبراءِ البجادةِ أوْ صباحِ
بمسؤومٍ زيارتهُ طويلٍ ... ولا نحسٍ منَ الأيَّامِ ضاحي
وما أدماءُ مولفةٌ سلاماً ... وسدراً بينَ تنهيةٍ وراحِ
تضمَّنها مساربُ ذي قساءٍ ... مكانَ النَّصلِ منْ بدنِ السِّلاحِ
بأحسنَ من تماضرَ يومَ قامتْ ... تودِّعنا لبينٍ فانسراحِ
ألا أبلغْ بني قطنٍ رسولاً ... كلامَ أخٍ يعاتبُ غير لاحِ
فما فارقتهمْ حتَّى أظنُّوا ... وبيَّنَ منْ شواكلهمْ نواحي