يظلُّ بهِ فرْخُ القطاةِ كأنّهُ ... يتيمٌ جفَتْ عنهُ المراضيعُ راضِعُ

ومُرْئِلَةٍ تهدي رِئالاً كأنّها ... مُخرَّبَةٌ خُرْسٌ عليها المَدارِعُ

وأُمّاتِ أطلاءٍ صغارٍ كأنّها ... دَماليجُ يجلوها تَشفُّقٌ بائعُ

وأزهَرَ يعتادُ الكِناسَ كأنّهُ ... إذا لاحَ دَرِّيٌّ معَ الفجرِ طالعُ

تَعسَّفتْهُ بالقومِ فانتصبَتْ لهُ ... بأعناقَهنَّ اليَعملاتُ الشَّعاشعُ

مَليعٌ ترى للآلِ فوقَ حِدابِهِ ... سَبائبَ لم تنسجْ بهنَّ وشائعُ

نهَزْنَ بأيديهنَّ فانتصبَتْ بها ... بَراطيلُ فانقادَتْ إليها الأخادعُ

إذا أصبحَتْ من ليلةِ الخِمْسِ عنَّسَتْ ... مَراقيلُ ألْحَيْها لهنَّ قَعاقعُ

جزى اللهُ عنّا شَوْذَباً ما جزى بهِ ... زميلاً وشلَّتْ من يدَيهِ الأصابعُ

ووثبةُ لا حانَتْ منَ الدهرِ ساعةً ... بخيرٍ وصمَّتْ من أبيها المَسامعُ

ترى رَبّةَ البَهْمِ الفِرارِ عشيّةً ... إذا ما غدا في بَهْمِها وهْوَ ضائعُ

تلومُ ولو كانَ ابْنها قنعَتْ بهِ ... إذا هَبَّ أرواحُ الشتاءِ الزعازعُ

تظلُّ تُراعي الخُنْسَ حيثُ تيمَّمَتْ ... منَ الأرضِ ما يطلُعْ لهُ فهْوَ طالعُ

رأتْهُ فشكَّتْ وهْوَ أطحلُ مائلٌ ... إلى الأرضِ مَثْنِيٌّ إليهِ الأكارعُ

طوى البطنَ إلاّ من مصيرٍ يَبُلُّهُ ... دمُ الجوفِ أو سُؤْرٌ من الحوضِ ناقعُ

ترى طرفَيهِ يَعسِلانِ كِلاهما ... كما اهتزَّ عُودُ الساسَمِ المُتتابعُ

إذا خافَ جَوراً من عدوٍّ رمَتْ بهِ ... قُصايَتُهُ والجانبُ المُتواسعُ

وإنْ باتَ وحْشاً ليلةً لم يضِقْ بها ... ذراعاً ولمْ يصبحْ لها وهو خاشعُ

إذا احتلَّ حِضْناً بلدةٍ طُرَّ منهُما ... لأخرى حَفِيُّ الشخصِ للريحِ تابعُ

وإنْ حذِرَتْ أرضٌ عليهِ فإنّهُ ... بغرَّةِ أخرى طيِّبُ النفسِ قانعُ

ينامُ بإحدى مُقلتَيهِ ويتَّقي ... المنايا بأخرى فهْوَ يقظانُ هاجعُ

إذا قامَ ألقى بُوعَهُ قَدْرَ طُولِهِ ... ومدَّدَ منهُ صُلبَهُ وهْوَ بائعُ

وفكَّكَ لَحيَيهِ فلمّا تَعادَيا ... صأى ثمّ أقعى والبلادُ بَلاقعُ

إذا ما غزا يوماً رأيتَ ظِلالةً ... منَ الطيرِ ينظُرنَ الذي هوَ صانعُ

وهَمَّ بأمرٍ ثمَّ أزمعَ غيرَهُ ... وإنْ ضاقَ رِزقٌ مرّةً فهْوَ واسعُ

نهشل بن حرِّيّ

وقال نهشل بن حرِّيّ بن ضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم ابن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم:

يخالجنَ أشطانَ الهوى كلَّ وجهةٍ ... بذي السِّدرِ حتَّى خفتَ أنْ لنْ تريَّما

غرائرُ لم يتركنَ للنَّفسِ إذ علَوا ... على الصُّهبِ تُحدى السَّيرَ روحاً وأعظُما

سراةَ الضُّحى ثمَّ استمرَّ حداتهمْ ... على كلِّ موَّارِ الملاطينِ أخزما

على كلِّ حرِّ اللَّونِ صافٍ نجارهُ ... يواهقُ جوناً ذا عثانينَ مكرما

إذا اجتهدَ الرُّكبانُ ذلَّتْ وسامحتْ ... وإنْ قصَّروا عاجُوا سماماً مخزَّما

كأنَّ ظباءَ السِّيِّ أو عينَ عالجٍ ... على العيرِ أو أبهى بهاءً وأفخما

كأنَّ غمامَ الصَّيفِ تحتَ خدورِها ... جلا البرقَ عنْ أعطافهِ فتبسَّما

تهادينَ يومَ البينِ كلَّ تحيَّةٍ ... وكيفَ التَّهادي بالودادةِ بعدَما

تفرقنَ عنْ أهوالِ أرضٍ مريضةٍ ... ترى لونَها منَ المخافةِ أقتَما

فأصبحَ جمعُ القومِ شتّى ولمْ يكنْ ... يفرِّقُ إلاَّ ذا زهاءٍ عرمرما

كأنَّ بواديهم هلالَ بنَ عامرٍ ... وإنْ لم يكنْ إلاَّ حميماً أو ابنَ ما

كما انشقَّ وادٍ شعبتينِ كلاهُما ... يعارضُ عرنيناً من الرَّملِ أحزَما

تبيتُ لها الوجناءُ من رهبةِ الرَّدى ... بأقتابِها والسَّابحُ الطَّرفُ ملجَما

رَذايا بَغايا مقشعرّاً جنوبُها ... يغضُّونَ منْ أجراسِها أنْ تزغَّما

يغضُّونَ صوتَ العيسِ إلاَّ صريفَها ... وصوتَ الصِّريحيَّاتِ إلاَّ تحمحُما

بني قطنٍ إنِّي عبدتُ بيوتكمْ ... برهوةَ داراً أو أعزَّ وأكرَما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015