ضُبارِمُ طيِّ الحالبَيْنِ إذا خَدا ... على الأُكْمِ ولاّها حذاءً مُلَكَّما

كأنَّ هوِيَّ الريحِ بينَ فروجِهِ ... تَجاوُبُ جِنٍّ زُرنَ جِنّاً بجَيْهَما

فجئنَ بهِ لا جاسئاً ظَلِفاتُهُ ... ولا سلِساً فيهِ المساميرُ أكزَما

شأى أثلاثَ المُنْحنى من صُعائدٍ ... لهُ القَينُ عينيهِ وما قد تعلَّما

فشَذَّبَ عنهُ سُوقَ جلْسٍ عروقُها ... معَ الماءِ ما أروى النباتَ وأنعما

برَتْهُ سَفافيرُ الحديدِ فجرَّدتْ ... رفيعَ الأعالي كانَ في الصَّونِ مُكْرما

وجاءَ نساءُ الحيِّ بينَ صَنِيعِهِ ... وبينَ التي جاءتْ لكَيْما تَعلَّما

يُطِفْنَ بمَخدورٍ أغرَّ وصائمٍ ... صيامَ فُلُوِّ الخيلِ تَمَّ وأكرما

كما أوقدَ الطرْفَ الجوادُ بمَرْقَبٍ ... فهَمْهَمَ لمّا آنسَ الخيلَ صُيَّما

يُطِفْنَ بهِ رأدَ الضحى ويَنُشْنَهُ ... بأيدٍ ترى الأسوارَ فيهنَّ أعْجما

ترى من تباشيرِ الخِضابِ الذي بها ... بأطرافِها لوناً غَبِيطاً وأَسْحما

سَراةَ الضحى ما رِمْنَ حتى تَحدَّرتْ ... جباهُ العذارى زعْفراناً وعَنْدما

مَسحْنَ مُحَيّاهُ وقلَّدنَ جِيدَهُ ... قلائدَ حتى هَمَّ أنْ يتكلَّما

وحتى لوَ انَّ العَودَ من حُسنِ شِيمةٍ ... يُسلِّمُ أو يمشي مشى ثمَّ سلَّما

حملْنَ عليهِ من تَجافيفِ ناعتٍ ... حصى الأرضَ حتى ما ترى العينُ مَنْسِما

وغشَّيْنَهُ بالرَّقْمِ حتى كأنّما ... يُساقِينَهُ من جَوفِ مَعبوطةٍ دما

تَخيَّرْنَ أمّا أُرجواناً مُهدَّبا ... وأمّا سِجِلاّطَ العراقِ المُختَّما

وشُبْنَ السوادَ بالبياضِ فلا ترى ... منَ الخِدرِ إلاّ وارسَ اللونِ أرقما

من الشبَهِ السافي وحتى لوَ انَّهُ ... يرى أعوجِيّاتٍ جرى أو تَحَمْحَما

فشاكَهْنَهُ بالخيلِ حتى لوَ انّهُ ... يقُلنَ لهُ أقدِمْ هلا هلْ لأَقْدما

فلمّا قضيْنَ اللمَّ من كلِّ عقدةٍ ... بثَثْنَ الوصايا والحديثَ المُكتَّما

تعاوَرنَ مرآةً جلِيّاً فلمْ تعِبْ ... لراياتِها المرآةُ عيناً ولا فما

بعثْنَ إليها كيْ تجيءَ فلمْ تكدْ ... تجيءُ تَهادى المشيَ إلاّ تَحشُّما

أتتْها نساءٌ من سُلَيْمٍ وعامرٍ ... مشيْنَ إليها مأتماً ثمّ مأتما

تَهادَيْنَ جَمّاءَ العِظامِ خَريدةً ... منَ النسوةِ اللائي يَرِدْنَ التكرُّما

فجَرْجَرَ لما كانَ في الخِدرِ نِصفُها ... ونصفٌ على دأياتِهِ ما تَجرَّما

فلمّا علَتْ من فوقِهِ عضَّ نابَهُ ... بمِقْلاقِ ما تحتَ الوشاحَيْنِ أهْضَما

فما ركبْتُ إلاّ نَبيثاً كأنّما ... تُرفِّعُ بالأكفالِ رملاً مُسنَّما

فما كانَ جَونٌ أرجَبِيٌّ يُقِلُّها ... بنَهضتِهِ حتى اكْلأنَّ وأعصما

وحتى تداعَتْ بالنَّقيضِ حبالُهُ ... وهمَّتْ بَواني زفْرِهِ أنْ تَحطَّما

وبَصْبَصَ في صُمِّ الصَّفا ثَفِناتُهُ ... ورامَ بحُبَّى أمرَهُ ثمَّ صَمَّما

فكبَّرْنَ واستدبرْنَهُ كيفَ أتوُهُ ... بها رَبِذاً سهْوَ الأراجيحِ مِرْجَما

فلمّا استوَتْ في ظُلّةٍ لم تجدْ لها ... تكاليفَ إلاّ أنْ يَعيلَ ويَعْسَما

وقُمنَ بأطرافِ البيوتِ عشيّةً ... كما فيّأتْ ريحٌ يَراعاً وسَأْسَما

فلمّا تولّتْ قُلنَ يا أمَّ طارقٍ ... على الشَّحْطِ حيّاكِ المَليكُ وسلَّما

وبادرْنَ أسباباً جعلْنَ فصولَها ... مِلاكاً وأعناقَ النجائبِ سُلّما

فسُرْنَ انتِماءَ العُفْرِ للطلِّ أشفقَتْ ... منَ الشمسِ لمّا كانتِ الشمسُ مِيسَما

فرُحنَ وقدْ زايلْنَ كلَّ ضغينةٍ ... بهنَّ وسالَمْنَ السَّديلَ المُرقَّما

فقلتُ لأصحابي تراجعَ للصِّبا ... فؤادي وعادَ اليومَ عودةَ أعصما

وقلتُ لعبدَيَّ اسْعَيا لي بناقَتي ... فما لبِثا إلاّ قليلاً مُجرَّما

دعَوتُ جريرَيْنِ استحفَّا بناقتي ... وقد هَمْهَمَ الحادي بهنَّ ودَوَّما

فجاءا بعَجْلى وهْيَ حرْفٌ كأنّها ... كُداريّةٌ خافَتْ أظافيرَ عُرَّما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015