وما مَدُّ الفراتِ إذا تسامى ... بموجٍ ذي قَصيفٍ والتِطامِ

بأغزرَ منكَ نافلةً إذا ما ... تحادبَ ظهْرَ جارفةٍ أُزامِ

ولا وردٌ بلحظةَ أو بتَرْجٍ ... منَ المُتوهِّساتِ دُجى الظلامِ

حمى أجَماتِهِ فتُركْنَ قفراً ... وأحمى ما أحالَ على الإجامِ

تطايرَ من يليهِ ومن يليها ... تَطايُرَهمْ من اللَّجبِ اللُّهامِ

وما ينفكُّ يسحبُ كلَّ يومٍ ... قتيلاً من رجالٍ أو سَوامِ

كأنَّ أسنّةً ذُلقتْ فلمّا ... تلمَّظ كلُّ مُلتهبٍ هُذامِ

عطفْنَ خوارجاً من أهرَتَيْهِ ... محيطاتٍ بمَنخرِهِ الضُّخامِ

بأنجدَ سَورةً من كلِّ يومٍ ... كأنَّ أجيجَهُ سَنَنُ الضِّرامِ

وقال أبو حيّة يمدح الحكم بن صخر الثقفي:

ألا حيِّيا بالخبِيّ الديارا ... وهلْ ترجعَنَّ ديارٌ حِوارا

زمانَ الصِّبا ليتَ أيامَنا ... رجعْنَ لنا الصالحاتِ القِصارا

زمانٌ عليَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فطيَّرَهُ الدهرُ عنّي فطارا

فلا يُبعدِ اللهُ ذاكَ الغُدافَ ... وإنْ كانَ لا هو إلاّ ادِّكارا

فأصبحَ موقعُهُ بائضاً ... محيطاً خِطاماً محيطاً عِذارا

فأما مَسايحُ قدْ أفحشَتْ ... فلا أنا أسطيعُ منها اعتذارا

وهازئةٍ إنْ رأتْ كَبْرَةً ... تَلفَّعَ رأسٌ بها فاستنارا

أجارَتِنا إنَّ ريبَ المَنو ... نِ قبلي عابَ الرجالَ الخِيارا

فإمّا ترَيْ لِمَّتي هكذا ... فأكثرتِ مما رأيتِ النِّفارا

فقدْ أرتَدي وحْفةً طَلّةً ... وقدْ أشعفُ العطراتِ الخِفارا

وقدْ كنتُ أسحبُ فضلَ الرِّداء ... وأُرخي على العقِبَيْنِ الإزارا

ورَقراقةٍ لا تطيقُ القِيا ... مَ إلاّ رويداً وإلاّ انبِهارا

خلَوتُ بها نَتجازى الحَدي ... ثَ شيئاً علاناً وشيئاً سِرارا

كأنَّ على الشمسِ منها الخِمارَ ... إذا هيَ لاثَتْ عليها الخِمارا

كأنَّ الخزامى يمُجُّ الندى ... بمَحنيَةٍ أُنُفاً والعرارا

تَقاَّمُ في نشرِ أثوابِها ... إذا الليلُ أردفَ جَوزاً وحارا

وأخّرَ جَوزاً وكانتْ لهُ ... خُداريّةٌ يعتكِرْنَ اعتِكارا

ويومِ تساقَطُ لذّاتُهُ ... كما ساقطَ المُدجَناتِ القطارا

تأنفْتُ لذّاتِهِ باكراً ... بَرَهْرهةً طَفلةً أو عُقارا

بكلتَيْها قدْ قطعتُ النَّها ... رَ خَوداً شَموعاً وكأسلً هِتارا

فأمّا الفتاةُ فمِلَكُ اليمينِ ... تنضِحُ نضْحاً عبيراً وقارا

وأمّا العُقارُ فوافى بهِ ... سَبيئةَ حولَيْنِ تَجْراً تِجارا

كأنَّ الشبابَ ولذّاتِهِ ... ورَيْقَ الصِّبا كانَ ثوباً مُعارا

وغيثٍ تَجنَّنَ قُريانُهُ ... يُخايلُ فيهِ المُرارُ المُرارا

علَوناهُ يَقدُمُنا سَلْهبٌ ... نُسكِّنُهُ تَئِقاً مُستطارا

قَصرْنا لهُ دونَ رزقِ العيالِ ... بُحّاً مَهاريسَ كُوماً ظُؤارا

مَقاحيدَ يَغْبِقْنَهُ ما اشتهى ... فيصبحُ أحسنَ شيءٍ شَوارا

فبِتْنا بأوسطِهِ سُرّةً ... نُصَهْصي النُّهاقَ بهِ والعِرارا

فلما أضاءَ لنا حاجبٌ ... منَ الشمسُ تحسِبُهُ العينُ نارا

رأينَ المها ورأينَ النَّعامَ ... وأحمِرةً بغَميسٍ نِعارا

فلما رأينا صِفاحَ الوجو ... هِ يَبرُقْنَ نَغْتَرهُنَّ اغتِرارا

غدَونا بهِ مثلَ وقْفِ العَرو ... سِ أهيفَ بطناً مُمَرّاً مُغارا

قذفْنا الحَرُوريَّ في شِدقِهِ ... وأُبطِنَ مُلَحَمُ فيهِ العِذارا

فلما عقلْنا عليهِ الغُلا ... مَ قِرنَيْنِ لا يُنكرانِ الغِوارا

حذرناهُ من فلكٍ بافعٍ ... يغيبُ الرَّقاقَ ويطفو الخُبارا

كأنَّ غُلَيِّمنا مُعْصِماً ... ونحنُ نرى جانبَيءهِ الشَّرارا

يمرُّ بهِ برَدٌ سابحٌ ... يُشَقِّقُ من كلِّ بينٍ دبارا

كأنَّ مُلأتُهُ مُدْبِراً ... حريقُ الغَريفِ إذا ما استدارا

هشيمٌ منَ الغافِ مُستوقدٌ ... يُسنِّنُ ريحاً وزادَ استعارا

وشدَّدَ أزرقَ مثلَ الشِّها ... بِ كنّا انتقَيْناهُ زُرقاً حِشارا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015