يقولُ أهلكتَ مالاً لوْ قنعتَ بهِ ... من ثوبِ صدقٍ ومنْ بزٍّ وأعلاقِ

أعاذِلِي إنَّ بعضَ اللوْمِ معنفَةٌ ... وهلْ متاعٌ وإنْ أبقيتُهُ باقِي

إنِّي زعيمٌ لئن لمْ تتركِي عذلِي ... أنْ يسألَ الحيُّ عنِّي أهلَ آفاقِ

أنْ يسألَ الحيُّ عنِّي أهلَ معزَبةٍ ... فلا يخبرُهُمْ عنْ ثابتٍ لاقِي

سدِّدْ خلالكَ من مالٍ تجمعُهُ ... حتى تلاقِيَ ما كلُّ امرئٍ لاقِي

لتقرَعِنَّ عليَّ السنِّ منْ ندمٍ ... إذا تذكرْتِ يوماً بعضَ أخلاقِي

الأحوص

وقال الأحوص بن محمد بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، يمدح يزيد عبد الملك:

ألا لا تلمْهُ اليومَ أن يتبَلَّدا ... فقدْ مُنعَ المحزونُ أنْ يتَجلَّدا

نظرْتُ رجاءً بالمُوقَّرِ أنْ أرى ... أكاريسَ يحتلونَ خاخاً ومُنْشَدا

وأوفَيتُ من نَشْزٍ من الأرضِ يافعٍ ... وقدْ يَشعَفُ الإيفاءُ من كانَ مُقصدا

فحالَتْ لطَرفِ العينِ من دونِ أرضِها ... وما أتْلي بالطَّرفِ حتى تردَّدا

سُهوبٌ وأعلامٌ كأنَّ سرابَها ... إذا استنَّ يُغْشيها المُلاءُ المُعَضّدا

وقلتُ ألا يا ليتَ أسماءَ أصقبَتْ ... وهلْ قولُ ليتٍ جامعٌ ما تبدّدا

وإنّي لأهواها وأهوى لُقِيَّها ... كما يشتهي الصادي الشرابَ المبرَّدا

علاقةٌ حُبٍّ لَجَّ في سَنَنِ الصِّبا ... فبَلَّى وما يزدادُ إلاّ تجدُّدا

وكيفَ وقدْ لاحَ المشيبُ وقطّعَتْ ... مُدى الدهرِ حبلاً كانَ للوصلِ مُحْصِدا

لكلِّ مُحبٍّ عندَها من شفائِهِ ... مَشارعُ تحميها الظَّمانَ المصرَّدا

أتحسِبُ أسماءُ الفؤادَ كعهدِهِ ... وأيامِهِ أمْ تحسِبُ الرأسَ أسودا

لياليَ لا نلقى وللعيشِ لذّةٌ ... منَ الدهرِ إلاّ صائداً أو مُصَيَّدا

وعهدي بها صفراءَ رُوداً كأنّما ... نضا عرَقٌ منها على اللونِ مُجْسَدا

مُهَفْهَفةُ الأعلى وأسفلُ خَلْقِها ... جرى لحمُهُ ما دونَ أن يَتخدَّدا

منَ المُدْمِجاتِ الحُورِ خَودٌ كأنّها ... عِنانُ صَناعٍ أنعمَتْ أنْ تُجوَّدا

كأنَّ ذكيَّ المسكِ تحتَ ثيابِها ... وريحَ الخُزامى ظَلَّةً تنضحُ الندى

كأنَّ خَذولاً في الكِناسِ أعارَها ... غداةَ تبدَّتْ عُنْقَها والمُقلَّدا

بكيْتُ الصِّبا جَهدي فمنْ شاءَ لامَني ... ومنْ شاءَ آسى في البكاءِ وأسعدا

فإنّي وإنْ أجريْتُ في طلبِ الصِّبا ... لأعلمُ أنّي في الصِّبا لستُ أوْحَدا

إذا كنتَ عِزهاةً عنِ اللهوِ والصِّبا ... فكُنْ حجراً من يابسِ الصخرِ جلْمدا

هلِ العيشُ إلاّ ما تلَذُّ وتشتهي ... وإن لامَ فيهِ ذو الشَّنانِ وفَنَّدا

لعَمري لقدْ لاقَيْتُ يومَ مُوقَّرٍ ... أبا خالدٍ في الحيِّ نجمَكَ أسعُدا

وأعطيْتَني يومَ التقَيْنا عطيَّةً ... منَ المالِ أمستْ يسَّرتْ ما تشدَّدا

وأوقدْتَ ناري باليَفاعِ فلمْ تدَعْ ... لنيرانِ أعدائي بنُعماكَ مُوقَدا

وأصبحَتِ النُّعمى التي نِلتَني بها ... وقدْ رجعَتْ أهلَ الشماتةِ حُسَّدا

ولمْ أكُ للإحسانِ لما اصْطَفَيْتَني ... كَفُوراً ولا لاعاً منَ المصرِ قُعْدُدا

فلمّا فرَجْتَ الهمَّ عني وكُربَتي ... حَبَوْتُكَ منّي طائعاً مُتعمِّدا

ثناءَ امرئٍ أثْنى بما قدْ أنلْتَهُ ... وشُكرَ امرئٍ أمسى يرى الشُّكرَ أرْشدا

فأُقسمُ لا أنفكُّ ما عشتُ شاكراً ... لنُعماكَ ما طافَ الحمامُ وغرَّدا

وقد قلتُ لمّا سِيلَ عمّا أنلْتَني ... ليزدادَ رَغماً من يحبُّ ليَ الرَّدا

عطاءَ يزيدٍ كلَّ شيءٍ أحوزُهُ ... منَ ابْيضَ منْ مالٍ يُعَدُّ وأسودا

وما كان مالي طارِفاً عن تجارةٍ ... وما كان ميراثاً منَ المالِ مُتْلَدا

ولكنْ عطاءً من إمامٍ مبارَكٍ ... ملا الأرضَ معروفاً وعدلاً وسُؤددا

شكَوتُ إليهِ ثِقْلَ غُرْمٍ لوَ انَّهُ ... وما أشتكي منهُ على الفيلِ بَلَّدا

فلمّا حمدْناهُ بما كانَ أهلَهُ ... وكانَ حقيقاً أنْ يُسَنَّى ويُحمَدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015