أجرى قلائدها وخددَ لحمها ... ألاَّ تذوقَ معَ الشكائمِ عودا
وطوى الطرادُ معَ القيادِ بطونها ... طيَّ التجارِ بحضرموتَ برودا
جرداً معاودةَ الغوارِ سوابحاً ... تدني إذا قذفَ الشتاءُ جليدا
تسقى الصريحَ فما تذوقُ كرامةً ... حدَّ الشتاءِ لذي القبابِ مديدا
نحنُ الملوكُ إذا أتوا في دارهمْ ... وإذا لقيتَ بنا رأيتَ أسودا
اللابسينَ لكلِّ يومِ حفيظةٍ ... حلقاً تداخلَ سكهُ مسودا
سائلْ ذوي يمنٍ وسائلهمْ بنا ... في الأزدِ إذْ ندبوا لنا مسعودا
فأتاهمُ سبعونَ ألفَ مدججٍ ... متلبسينَ يلامقاً وحديدا
قومٌ ترى صدأ الحديدِ عليهمِ ... والقبطريَّ منَ اليلامقِ سودا
أمسى الفرزدقُ يا نوارُ كأنهُ ... قردٌ يحثُّ على الزناءِ قرودا
ما كانَ يشهدُ في المجامعِ مشهداً ... فيهِ صلاةُ ذوي التقى مشهودا
ولقدْ تركتكَ يا فرزدقُ خاسئاً ... لما كبوتَ لدى الرهانِ لهيدا
إنا لنذكرُ ما يقالُ ضحى غدٍ ... عندَ الحفاظِ ونقتلُ الصنديدا
ونكرُّ محميةٌ ويمنعُ سرحنا ... جردٌ ترى لقيادها أخدودا
نبني على سننِ العدوِّ بيوتنا ... لا نستجيرُ ولا نحلُّ حريدا
منا فوارسُ منعجٍ وفوارسٌ ... شدوا وثاقَ الحوفزانِ بأودا
ولربَّ جبارٍ قصرنا عنوةٌ ... ملكٍ يجرُّ سلاسلاً وقيودا
ومنازلِ الهرماسِ تحتَ لوائهِ ... بحشاهُ معتدلَ القناةِ شديدا
ولقدْ جنبنا الخيلَ وهي شوازبٌ ... متسربلينَ مضاعفاً مسرودا
وردَ القطا زمراً تباري منعجاً ... أوْ منْ خوارجَ حائراً مورودا
ولقدْ عركنَ بآلِ كعبٍ عركةً ... بلوى جرادَ فلمْ يدعنَ عميدا
إلاَّ قتيلاً قدْ سلبناه بزهُ ... تقعُ النسورُ عليهِ أوْ مصفودا
وأبرنَ منَ بكرٍ قبائلَ جمةً ... ومنَ الأراقمِ قدْ أبرنَ جدودا
وبني أبي بكرٍ وطئنَ وجعفراً ... وبني الوحيدِ فما تركنَ وحيدا
ولقدْ جريتُ فجئتُ أولَ سابقٍ ... عندَ المواطنِ مبدئاً ومعيدا
وجهدتَ جهدكَ يا فرزدقُ كلهُ ... فنزعتَ لا ظفراً ولا محمودا
إنا وإنْ رغمتْ أنوفُ مجاشعٍ ... خيرٌ فوارسَ منهمُ ووفودا
نسري إذا سرتِ البحورُ وشبهتْ ... بقراً بقلةِ عالجٍ مطرودا
قبحَ الإلهُ مجاشعاً وقراهمْ ... والموجفاتِ إذا نزلنَ زرودا
الفرزدق
وقال الفرزدق، واسمه همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد ابن سفيان بن مجاشع بن دارم، يجيب جريراً، رواية أبي عبيدة عن أعين بن لبطة ابن الفرزدق:
لا قومَ أكرمِ منْ تميمٍ إذْ غدتْ ... عوذُ النساءِ يسقنَ كالآجالِ
الضاربونَ إذا الكتيبةُ أحجمتْ ... والنازلونَ غداةَ كلِّ نزالِ
والضامنونَ على المنيةِ جارهمْ ... والمطعمونَ غداةَ كلِّ شمالِ
أبني غدانةَ إنني حررتكمْ ... فوهبتكمْ لعطيةَ بنِ جعالِ
فوهبتكمْ لأحقكمْ بقديمكمْ ... قدماً وأفعلهِ لكلِّ نوالِ
لولا عطيةُ لاجتدعتُ أنوفكمْ ... منْ بينِ ألأمِ أعينٍ وسبالِ
إني كذاكَ إذا هجرتُ قبيلةً ... جدعتهمْ بعوارمِ الأمثالِ
أبنو كليبٍ مثلُ آلِ مجاشعٍ ... أمْ هلْ أبوكَ مدعدعاً كعقالِ
دعدعْ بأعنقكَ التوائمِ إنني ... في باذخٍ يا بنَ المراغةِ عالِ
وابنُ المراغةِ قدْ تحولَ راهباً ... متبرنساً لتمسكنٍ وسؤالِ
ومكبلٍ تركَ الحديدُ بساقهِ ... أثراً منَ الرسفانِ في الأحجالِ
وفدتْ عليهِ شيوخُ آلِ مجاشعٍ ... منهمْ بكلِّ مسامحٍ مفضالِ
ففدوهُ لا لثوابهِ ولقدْ ترى ... بيمينهِ ندباً منَ الأغلالِ
ما كانَ يلبسُ تاجَ آلِ مجاشعٍ ... إلاَّ همُ ومقاولُ الأقيالِ
كانتْ منادمةُ الملوكِ وتاجهمْ ... لمجاشعٍ وسلافةُ الجريالِ
ولئنْ سألتَ بني سليمٍ أينا ... أدنى لكلِّ أرومةٍ وفعالِ
لينبئنكَ رهطُ معنٍ فأتهمْ ... بالعلمِ والأتقونَ منْ سمالِ
إنَّ السماءَ لنا عليكَ نجومها ... والشمسَ مشرقةً وكلَّ هلالِ