وقال أوس بن غلفاء الهجيميّ، يهجو يزيد بن الصّعق الكلابيّ:

جلبْنا الخيلَ من جنبَيْ أريكٍ ... إلى لجأٍ إلى ضلعٍ الرِّخام

بكلِّ منفّقِ الجرذانِ مجرٍ ... شديدِ الأسرِ للأعداءِ حامِ

أصَبنا منْ أصبْنا ثمَّ فئنا ... إلى أهلِ الشّريفِ إلى شمامِ

وجدْنا منْ يقودُ يزيدُ منهمْ ... ضعافَ الأمرِ غيرَ ذوي نظامِ

فأجرِ يزيدُ مذْموماً أو انزعْ ... على علبٍ بأنفكَ كالخطامِ

كأنَّكَ عيرُ ساليًةٍ ضروطٍ ... كثير الجهلِ شتّامُ الكرامِ

فإنَّ النّاسَ قدْ علموكَ شيْخاً ... تهوّكُ بالنّواكَةِ كلَّ عامِ

وإنّكَ من هجاءِ بنِي تميمٍ ... كمزدادِ الغرامِ إلى الغرامِ

همُ منُّوا عليكَ فلمْ تثبْهُمْ ... فتيلاً غيرَ شتْمٍ أو خصامِ

وهمْ تركوكَ أسلحَ من حبارَى ... رأتْ صقراً وأشردَ من نعامِ

وهمْ ضرَبُوكَ ذاتَ الرّأسِ حتىً ... بدتْ أمُّ الدّماغ من العظامِ

إذا يأسونَها نشرتْ عليهمْ ... شرَنبثةُ الأصابعِ أمّ هامِ

فمنَّ عليكَ أنَّ الجلدَ وارَى ... غثيثتَها وإحرامُ الطّعامِ

وهمْ أدّوا عليكَ بنِي عداءٍ ... بأفوقَ ناصلٍ وبشرِّ ذامِ

وحيّيْ جعفرٍ والحيَّ كعباً ... وحيَّ بني الوحيدِ بلا سوامِ

فإنّا لمْ يكنْ ضبّاءُ فينا ... ولا ثقفٌ ولا ابنُ أبي عصامِ

ولا فضحُ الفضوحِ ولا شييْمٌ ... ولا سلماكُمُ صمّي صمامِ

قتلتُمْ جاركُمْ وقذفتُمُوه ... بأمّكمُ فما ذنبُ الغلامِ

ألا منْ مبلِغُ الجرميِّ عنّي ... وخيرُ القولِ صادقةُ الكلامِ

فهلاَّ إذْ رأيتَ أبا معاذٍ ... وعلبةَ كنتَ فيها ذا انتقامِ

أراهُ مجامعَ الورِكينِ منها ... مكانَ السَّرجِ أثبتَ بالحزامِ

كثير بن عبد الرحمن

وهو حبي وقال كثير بن عبد الرحمن الخزاعيّ يمدح عبد الملك بن مروان:

خليليَّ إنْ أمُّ الحكيمِ تحمّلتْ ... وأخلتْ لخيماتِ العذيبْ ظلالَها

فلا تسقِياني من تهامةَ بعدَها ... بلالاً وإنْ صوبُ الرَّبيعِ أسالَها

وكنتمْ تزينونَ البلاطَ ففارقتْ ... عشيّةَ بنتُمْ زينها وجمالها

فقد أصبحَ الرّاضون إذ أنتمُ بها ... مسوسُ البلادِ يشتكونَ وبالها

فقد أصبحتْ شتّى تبثُكَ ما بها ... ولا الأرضَ ما يشكو إليكَ احتلالها

إذا شاءَ أبكتْهُ منازلُ قد خلتْ ... لعزَّةَ يوماً أو مناسبُ قالَها

فهل يصبحنْ يا عزُّ من قد قتلتهِ ... منَ الهمِّ خلواً نفسهُ لا هوىً لها

وما أنسَ ملْ أشياء لا أنسَ ردَّها ... غداةَ الشَّبا أجمالهَا واحتمالَها

وقد لقَّنا في أوَّلِ الدَّهرِ نعمةٌ ... فعشنا زماناً آمنينَ انفتالَها

كآلفةٍ إلفاً إذا صدَّ وجهَةً ... سوى وجههِ حنَّتْ لهُ فارعوى لها

فلستُ بناسيها ولستُ بتاركٍ ... إذا أعرضَ الأدمُ الجوازي سؤالها

أأدرِكُ من أمِّ الحكيِّمِ غبطَةً ... بها خبَّرتني الطّيرُ أم قد أنى لَها

أقولُ إذا ما الطّيرُ مرَّتْ سحيقةً ... لعلّك يوماً فانتظرْ أنْ تنالَها

فإنْ تكُ في مصرٍ بدارِ إقامةٍ ... مجاورةً في السّاكنينَ رمالَها

ستأتيكَ بالرُّكبان خوضٌ عوامدٌ ... يعارضنَ مبراةً شددْتُ حبالها

عليهنَّ معتمُّون قد وهبُوا لَها ... صحابتَهُمْ حتّى تجذّ وصالَها

متى أخشىَ عدوَى الدّار بيني وبينها ... أصلْ بنواحِي النّاجياتِ حبالَها

على ظهرِ عاديٍّ تلوحُ متونُهُ ... إذا العيسُ عالتهُ اسبطرَّ فعالها

وحافيةٍ منكوبةٍ قدْ وقيتُها ... بنعلي ولم أعقدْ عليها قبالَها

لهنَّ منَ النَّعلِ الذي قدْ حذوْتُها ... منَ الحقِّ لو دافعتُها مثلُ ما لها

إذا هبطتْ وعثاً من الخطّ دافعتْ ... عليها رذايا قد كللْنَ كلالَها

إذا رحلَتْ منها قلوصٌ تبغمتْ ... تبغُمَ أمِّ الخشفِ تبغي غزالَها

تذكّرِتُ أنَّ النَّفسَ لم تسلُ عنكُمُ ... ولم تقضِ منْ حبِّي أميَّةَ بالها

وأنّي بذي دورانَ تلقَى بكَ النّوى ... على بردى تظعانَها فاحتمالَها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015