كأنهُ كودنٌ تدمى دوابرهُ ... فيهِ من السوطِ والساقينِ تربيدُ

كزُّ الندى مجدهُ دينٌ يؤخرهُ ... ولؤمه حاضرٌ لا بدَّ منقودُ

من معشرٍ كحلت باللؤمِ أعينهم ... زرقٌ بهم ميسمٌ منهُ وتقليدُ

ما زلتُ أقدمهم حتى علوتهمُ ... وهزني رافدٌ منهم ومرفودُ

وقد نهيتهمُ عني علانيةً ... لو كانَ ينفعهم نهيٌ وتوصيدُ

أمَّ الصبيينَ دومي إنني رجلٌ ... حبلي لأهلِ الندى والوصلِ ممدودُ

لا تسألي القومَ عن مالي وكثرتهِ ... قد يقترُ المرءُ يوماً وهو محمودُ

وسائلي عند جدِّ الأمرِ ما حسبي ... إذا الكماةُ التقى فرسانها الصيدُ

وقد أروعُ سوامَ الحيِّ تحملني ... شقاءٌ مثلُ عقابِ الدجنِ قيدودُ

حقباءُ سهلبةُ الساقينِ منهبةٌ ... في لحمها من وجيفِ القومِ تخديدُ

تؤخرُ السرجَ تأخيراً إذا جمزت ... عن متنها وحزامُ السرجِ مشدودُ

ترى بسنبكها وقعاً تبينه ... كأنهُ في جديدِ الأرضِ أخدودُ

في رأسها حين يندى عطفها صددٌ ... وفي مناكبها للشدِّ تحديدُ

كأنها هقلةٌ ربداءُ عارضها ... هيقٌ تأوبَ جنحَ الليلِ مطرودُ

كأنَّ هاديها إذ قامَ ملجمها ... جذعٌ تحسرَ عنهُ الليفُ مجرودُ

هشُّ المشاشِ هواءُ الصدرِ منتخبٌ ... مقلصٌ عن قميصِ الساقِ موطودُ

وفيلقٍ كشعاعِ الشمسِ مشعلةٍ ... تعشي البصيرَ إذا مالت بهِ البيدُ

قومي إذا ما لقوا أعداءهم صبروا ... واستوردوهم كما يستوردُ العودُ

ترى نوادرِ أطرافٍ بمزحفهم ... والهامُ بينهمُ مذرى ومقدودُ

والمشرفيةُ قد فلت مضاربها ... والسمهريةُ مرفضٌّ ومقصودُ

وفتيةٌ كسيوفِ الهندِ قلتُ لهم ... سيروا وأعناقهم غبَّ السرى غيدُ

أرمي بهم وبنفسي مهمهاً زلقاً ... وعرضَ مطردٍ أكنافه سودُ

تخدي بهم في الوغى قبٌ مساحلها ... جردٌ ضوامرُ أمثالُ القنا قودُ

فيهم فوارسُ لا ميلٌ ولا كشفٌ ... عليهم زغفٌ بالشكِّ مسرودُ

وقال المتوكل أيضاً:

يا ريطُ هل لي عندكم نائلُ ... أم لا فإني من غدٍ راحلُ

لا يكُ ما منيتنا باطلاً ... وشرُّ ما عيشَ بهِ الباطلُ

أفي لودي فاصرمي أو صلي ... أو لتلادي لكمُ باذلُ

يا ريطُ يا أختَ بني مالك ... أنتِ لقلبي شغلٌ شاغلُ

إنَّ ملاكَ الوصلِ أن تفعلي ... ما قلتِ إنَّ الموفيَ الفاعلُ

دومي على الودِّ الذي بيننا ... لا يقلِ الهجرَ لنا قائلُ

بوحيِ لا أو بنعم إنما ... مطلكِ هذا خبلٌ خابلُ

أو أيئسينا إنَّ من دونكم ... وحشاً يرى غرتها الخاتلُ

فإن في لا أو نعم راحةً ... إني لما استودعتني حاملُ

لم يبقَ من ريطةَ إلاَّ المنى ... عاجلها مستأخراً آجلُ

ليتَ الذي أضمرتُ من حبها ... ينحلُّ أو ينقلهُ ناقلُ

كلفها قلبي وعلقتها ... ولا يرى من ودها طائلُ

يا أسمَ كوني حكماً بيننا ... عدلاً فإنَّ الحكمَ العادلُ

من هوَ لا مفشي الذي بيننا ... يوماً من الدهرِ ولا باخلُ

فلم تثب أختُ بني مالكٍ ... ولم تجد لي بالذي آملُ

لا هيَ تجزيني بودي لها ... ولا امرؤٌ عن ذكرها ذاهلُ

لسانها حلوٌ ومعروفها ... حيثُ يحلُّ الأعصمُ العاقلُ

يا ريطَ هل عندكم دائمٌ ... إني لمن واصلني واصلُ

كم لامني يا ريطَ من صاحبٍ ... فيكِ وبعضُ القومِ لي قائلُ

وعاذلٍ قلتُ لهُ ناصحٍ ... نفسكَ أرشد أيها العاذلُ

فقالَ لي: كيفَ تصابي إمرئٍ ... والشيبُ في مفرقهِ شاملُ

ريطةُ لو كنتَ بها خابراً ... آنسةٌ مجلسها آهلُ

مثلُ نوارِ الوحشِ لم يرمها ... رامٍ من الناسِ ولا حابلُ

مثلُ مهاةِ الرملِ في ربربٍ ... يتبعها ذو جدةٍ خاذلُ

أصيلةٌ يألفها ذو الحجى ... ويتقيها البرمُ الجاهلُ

في كلِّ ممسى منهمُ زائرٌ ... لا شنأُ الوجهِ ولا عاطلُ

يعتسفُ الأصرمُ من دونها ... أغبرَ مرهوبَ الردى ماحلُ

هل أنتَ إن ريطةُ شطتُ بها ... عنكَ النوى من سقمٍ وائلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015