أنت المقدّم وأنت المؤخّر، وأنت على كلّ شيء قدير» . (ق؛ عن أبي موسى) .

61- «اللهمّ؛ اهدني فيمن هديت، ...

نفسي، وما تحرّك به لساني؛ قاله تواضعا وإجلالا لله تعالى.

(أنت المقدّم) بعض العباد إليك بتوفيق الطاعة، (وأنت المؤخّر) بخذلان بعضهم عن التوفيق، (وأنت على كلّ شيء قدير» ) ، أي: أنت الفعّال لكلّ ما تشاء. ولذا لم يوصف به غير الباري. ومعنى قدرته على الممكن الموجود حال وجوده: أنّه إن شاء أبقاه، وإن شاء أعدمه. ومعنى قدرته على المعدوم حين عدمه: أنّه إن شاء إيجاده أوجده، وإلّا! فلا. وفيه: أنّ مقدور العبد مقدور لله حقيقة؛ لأنّه شيء.

(ق) أي: متفق عليه، أي: رواه البخاريّ، ومسلم في «صحيحيهما» في (الدعوات) ؛ (عن أبي موسى) الأشعريّ: عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه. وقد تقدّمت ترجمته، وأخرجه عنه البيهقيّ، وغيره أيضا.

61- ( «اللهمّ؛ اهدني فيمن هديت) من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، و «في» بمعنى «مع» ، وكذا فيما بعده. قال تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ [69/ النساء] الآية. ويصحّ بقاؤها على حالها متعلّقة بمحذوف، وأوثر حذفه!! للمبالغة، أي: اجعل لي نصيبا وافرا من الاهتداء، واجعلني معدودا في جملتهم؛ مندرجا في زمرتهم.

وهذا كما قال نبيّ الله سليمان- صلّى الله على نبيّنا وعليه وسلم-: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (19) [النمل] . ونبيّ الله يوسف- صلّى الله على نبينا وعليه وسلم-: وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) [الشعراء] . ولم يعبّرا ب «من» كما في قوله تعالى في حق إبراهيم على نبيّنا وعليه وعلى سائر النبيّين الصلاة والسلام:

وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) [النحل] ؛ إيثارا للتواضع والتذلّل لله تعالى، فشهدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015