ولا تمكر عليّ، واهدني، ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ.

ربّ؛ اجعلني لك شاكرا، لك ذاكرا، لك راهبا، لك مطواعا، لك مخبتا، ...

(ولا تمكر عليّ) بالاستدراج بالطاعة وتوهّم أنّها مقبولة؛ وهي مردودة.

(واهدني) ؛ أي: دلّني على عيوب نفسي، وأوصلني إلى المقامات الكريمة، (ويسّر الهدى لي) ؛ أي: سهّل أسبابه لي، (وانصرني على من بغى عليّ) ؛ أي: ظلم وتعدّى وطغى. وهذا تأكيد لقوله: «أعنّي ... الخ» .

(ربّ؛ اجعلني لك) ؛ أي: وحدك، كما أفادة تقديم المعمول، وكذا في الباقي، فتقديم الصلات لذلك والاهتمام.

(شاكرا) بلساني وجناني وأركاني؛ بأن أصرف ذلك كلّه إلى ما خلقته لأجله؛ من دوام الذكر، وشهود الجلال، والقيام بوظائف الخدمة والعبوديّة.

(لك ذاكرا) ؛ أي: باللسان والجنان بذكر أسمائك، وجلائل نعمك ودقائقها، فهو كالتأكيد لما علم- ممّا تقرّر في الشكر أنّه يشمله- وكذا يقال فيما بعده. (لك راهبا) ؛ أي: منقطعا عن الخلق، متجرّدا عنهم، متوجّها إلى الحضور مع الحقّ. (لك مطواعا) - بكسر أوّله وسكون ثانيه المهمل- أي: كثير الطّوع: وهو الطاعة؛ ذكره الطّيبي.

(لك مخبتا) ، قيل: الأصل: إليك؛ كما في وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ [23/ هود] وعدل منه إلى اللّام!! تأكيدا لمعنى الاختصاص المتبادر من التقديم.

والمخبت: قال ابن الجزري: الخاشع؛ من الإخبات: الخشوع والتواضع.

وقال ابن حجر الهيتميّ: مخبتا؛ أي: وجل القلب عند ذكرك، صابرا على ما أصابني، مقيما للصلاة على ما ينبغي، منفقا ممّا رزقتني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015