230- «من حسن إسلام المرء.. تركه ما لا يعنيه» .
230- ( «من حسن) فائدة الإتيان به!! الإشارة إلى أنّه لا عبرة بصور الأعمال فعلا وتركا، إلّا إذا اتّصفت بالحسن، بأن وجدت شروط مكمّلاتها؛ فضلا عن مصحّحاتها، وجعل ترك ما لا يعني من الحسن مبالغة ذلك، لأنّ الحسن من وصف الملكات؛ والترك عدميّ، فوصفه بوصف الملكات مبالغة.
(إسلام المرء) آثره على الإيمان!! لأنّه الأعمال الظّاهرة، والفعل والترك إنّما يتعاقبان عليها، لأنّها حركات اختيارية يتعاقبان فيها اختيارا، وأمّا الباطنة الرّاجعة للإيمان! فهي اضطرارية؛ تابعة لما يخلقه الله تعالى في النّفوس، ويوقعه فيها.
وهذا من المواضع الّتي يجب فيها تقديم الخبر على المبتدأ، لئلّا يعود الضّمير فيه على المتأخّر لفظا ورتبة، لما في المبتدأ من ضمير يعود على متعلّق الخبر؛ فهو من باب «على التّمرة مثلها زبدا» ، فقوله: «من حسن إسلام المرء» ، خبر مقدّم، والمبتدأ هو قوله (تركه) - مصدر مضاف لفاعله- (ما) - أي: شيئا، أعمّ من أن يكون قولا أو فعلا- (لا يعنيه» ) بفتح أوله؛ من «عناه الأمر» ؛ إذا تعلقت عنايته به، وكان من غرضه وإرادته.
ومفهومه: أنّ من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا يعنيه.
والّذي «لا يعني» هو: الفضول كلّه على اختلاف أنواعه.
والّذي «يعني» الإنسان من الأمور: ما تعلّق 1- بضرورة حياته في معاشه؛ مما يشبعه من جوع، ويرويه من عطش، ويستر عورته، ويعفّ فرجه، ونحو ذلك مما يدفع الضّرورة؛ دون ما فيه تلذّذ وتنعّم واستكثار.
و2- سلامته في معاده، وهو الإسلام والإيمان والإحسان، فإذا اقتصر على ما يعنيه سلم من سائر الآفات، وجميع الشرور، والمخاصمات، وكان ذلك من الفوائد الدّالّة على حسن إسلامه، ورسوخ إيمانه، وحقيقة تقواه، ومجانبته لهواه، ومعاناة ما عداه ضياع للوقت النّفيس، الّذي لا يمكن أن يعوّض فائته فيما