.........

وبين الظّاهر والباطن ارتباط ومناسبة، وقد بعث الله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكمة، الّتي هي سنّة، وهي الشّرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان ممّا شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضّالّين، فأمر بمخالفتهم في الهدي الظّاهر في هذا الحديث؛ وإن لم يظهر فيه مفسدة، لأمور؛

منها أنّ المشاركة في الهدي الظّاهر تؤثّر تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين، تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإنّ لابس ثياب العلماء مثلا، يجد من نفسه نوع انضمام إليهم؛ ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا، يجد من نفسه نوع تخلّق بأخلاقهم، وتصير طبيعته منقادة لذلك إلّا أن يمنعه مانع.

ومنها أنّ المخالفة في الهدي الظّاهر توجب مباينة ومفارقة؛ توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضّلال، والانعطاف على أهل الهدي والرّضوان.

ومنها أنّ مشاركتهم في الهدي الظّاهر توجب الاختلاط الظّاهر؛ حتّى يرتفع التّمييز ظاهرا بين المهديّين المرضيّين، وبين المغضوب عليهم والضّالين ... إلى غير ذلك من الأسباب الحكميّة الّتي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه.

وقال ابن تيميّة: هذا الحديث أقلّ أحواله أن يقتضي تحريم التشبّه بأهل الكتاب!! وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله تعالى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [51/ المائدة] .

وهو نظير قول ابن عمر «ومن بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم، ومهرجانهم، وتشبّه بهم حتّى يموت؛ حشر يوم القيامة معهم» فقد حمل هذا على التشبّه المطلق، فإنّه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك.

وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه؛ فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا لها؛ كان حكمه كذلك. انتهى «مناوي» .

والحديث ذكره في «الكشف» ك «الجامع» وقال: رواه أحمد وأبو داود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015