.........

أبي بكر؛ خوفا من اندراس القرآن بموت الصّحابة رضي الله تعالى عنهم لمّا كثر فيهم القتل يوم اليمامة وغيره، فتوقف لكونه صورة بدعة، ثمّ شرح الله صدره لفعله، لأنّه ظهر له أنه يرجع إلى الدّين، فإنّه غير خارج عنه.

ومن ثمّ لمّا دعا زيد بن ثابت وأمره بالجمع قال له: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله!! فقال: والله إنّه حقّ. ولم يزل يراجعه حتّى شرح الله صدره للّذي شرح له صدرهما.

وكما وقع لعمر رضي الله عنه في جمع النّاس لصلاة التّراويح في المسجد، مع تركه صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن كان فعله ليالي، وقال- أعني عمر-: نعمت البدعة هي.

أي: لأنها؛ وإن أحدثت ليس فيها ردّ لما مضى، بل موافقة له، لأنّه صلى الله عليه وسلم علّل التّرك بخشية الافتراض، وقد زال ذلك بوفاته صلى الله عليه وسلم.

وقال الشّافعي رضي الله عنه:

ما أحدث فخالف كتابا أو سنّة أو إجماعا أو أثرا؛ فهو البدعة الضالّة، وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئا من ذلك؛ فهو البدعة المحمودة.

والحاصل: أنّ البدعة الحسنة متّفق على ندبها، وهي ما وافق شيئا مما مرّ؛ ولم يلزم من فعله محذور شرعيّ. ومنها ما هو فرض كفاية، كتصنيف العلوم ونحوها ممّا مرّ. انتهى. من «الفتح المبين» للشيخ أحمد بن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى.

والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه؛ كلّهم عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا. وفي رواية لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» أي: مردود عليه، وإن لم يكن هو المحدث له. فاستفيد منه زيادة على ما مرّ- وهي الردّ- لما قد يحتجّ به بعض المبتدعة؛ من أنّه لم يخترع، وإنّما المخترع من سبقه!! ويحتجّ بالرّواية الأولى فيردّ عليه بهذه الرّواية الصّريحة في ردّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015