وإنّما الحلم بالتّحلّم» .
قال مجاهد: لا يتعلّم العلم مستحي ولا مستكبر.
وقيل لابن عباس: بم نلت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول.
والحصر في الحديث بالنّظر للغالب، وإلّا! فقد يحصل العلم بسبب الرياضة المقتضية لإفاضة العلوم على القلب من غير تعلم.
(وإنّما الحلم) ؛ أي: المكتسب (بالتّحلّم» ) ؛ أي: بحمل النفس عليه.
قال الراغب: الحلم: إمساك النفس عن هيجان الغضب. والتّحلّم: إمساكها عن قضاء الوطر إذا هاج الغضب. انتهى.
وفيه إشارة إلى أنّ الملكة قد تحصل بالاكتساب، فإذا كان عادته الغضب والانتقام؛ وعالج نفسه ومنعها من الانتقام المرّة بعد الآخرى، تعوّدت على الحلم حتى صار ملكة له، وكذا معالجة نحو الكبر والبخل والعجب والحسد تقتضي تبدّل الوصف الذميم بالوصف الجميل.
والحديث قال العجلوني في «الكشف» : رواه الطبراني في «الكبير» ، وأبو نعيم والعسكري عن أبي الدرداء رفعه بلفظ: «إنّما العلم بالتعلم والحلم بالتّحلّم، ومن يتحرّ الخير يعطه، ومن يتوقّ الشرّ يوقه. لم يسكن الدرجات العلى؛ ولا أقول لكم من الجنة: من استقسم، أو تطيّر طيرا يردّه من سفره» .
وفي سنده محمد بن الحسن الهمذاني: كذاب. ولكن رواه البيهقي في «المدخل» عن أبي الدرداء موقوفا.
وفي رواية للطبراني؛ وكذا البيهقي عن أبي الدرداء بزيادة بعد قوله «يوقه» :
«ثلاث من كنّ فيه لم يسكن الدّرجات العلى، ولا أقول لكم الجنّة من تكهّن، أو استقسم؛ أو ردّ من سفر تطيّرا» .
وأخرجه العسكري عن أنس مرفوعا، وعن معاوية مرفوعا بلفظ: «يا أيها الناس؛ إنّما العلم بالتّعلّم والفقه بالتّفقّه، ومن يرد الله به خيرا يفقّهه في الدين،