.........

وفي معظم الرّوايات: «بالنّيّة» بالإفراد لأن محلّها القلب؛ وهو متّحد، فناسب إفرادها بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر؛ وهي متعدّدة فناسب جمعها، أو لأنّ النّيّة ترجع إلى الإخلاص؛ وهو واحد للواحد الذي لا شريك له.

وفي «صحيح ابن حبان» : «الأعمال بالنّيّات» بحذف «إنّما» وجمعهما، وللبخاري في «الإيمان والعتق والهجرة» : «الأعمال بالنّيّة» بجمع «الأعمال» وإفراد «النّيّة» . وله في «النكاح» : «العمل بالنّيّة» بإفرادهما.

وهذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين؛ لأنّ «أل» في الأعمال للاستغراق، وهو مستلزم للحصر؛ لأنّ معناه: كلّ عمل بنيّة، فلا عمل إلّا بنية.

أو لأنّ «إنّما» للحصر، وهل إفادتها له بالمنطوق؛ أو بالمفهوم، أو تفيد الحصر بالوضع؛ أو بالعرف، أو تفيده بالحقيقة، أو بالمجاز؟ ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا، بل نقله شيخ الإسلام البلقيني عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلّا اليسير كالآمدي، وعلى العكس من ذلك أهل العربية.

وعبّر بالأعمال دون الأفعال!! لأن الفعل قد يكون زمانه يسيرا ولا يتكرر، قال تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) [الفيل] ، وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ [45/ إبراهيم] حيث كان إهلاكهم في زمن يسير ولم يتكرر، بخلاف العمل فإنه الذي يوجد من الفاعل في زمان مديد بالاستمرار والتكرار الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [25/ البقرة] طلب منهم العمل الدائم المتجدد لا نفس العمل، قال تعالى فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (61) [الصافات] ولم يقل الفاعلون.

و «النيات» جمع نية؛- بكسر النون وشدّ المثناة التحتية في المشهور، وفي لغة: تخفيفها.

قال البيضاوي: هي انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض؛ من جلب نفع أو دفع ضرّ حالا أو مالا. والشرع خصّه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل؛ لابتغاء رضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015