.........
وفي «بلوغ الأرب» للألوسي: الجاهلية الذي كثر فيه الجهّال وهي ما قبل الإسلام. وعن ابن خالويه: أنّ هذا اللفظ اسم حدث في الإسلام للزّمن الذي كان قبل البعثة.
قال الحافظ ابن حجر في «شرحه على البخاري» : وهذا هو الغالب، ومنه يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ [154/ آل عمران] . ثم قال: وأما جزم النووي في عدّة مواضع في «شرح مسلم» أنّ هذا هو المراد حيث أتى!! ففيه نظر، فإنّ هذا اللّفظ- وهو «الجاهلية» - يطلق على ما مضى، والمراد ما قبل إسلامه، وضابط آخره فتح مكّة. انتهى كلام «الفتح» . أي: فلفظ «الجاهلية» لا يقال غالبا إلا على حال العرب التي كانوا عليها قبل الإسلام؛ لما كانوا عليه من مزيد الجهل في كثير من الأعمال والأحكام.
ومما أبطله الشرع من عوائدهم: أنّهم كانوا يطلّقون النساء حتى إذا قرب انقضاء عدّتهنّ راجعوهن؛ لا عن حاجة ولا لمحبّة، ولكن لقصد تطويل العدّة وتوسيع مدة الانتظار، وكان الرجل يطلق امرأته أو يتزوج أو يعتق ويقول «كنت لاعبا» فأبطل الله تعالى ذلك، وردّه عليهم بقوله سبحانه وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [231/ البقرة] .
وفي الحديث: «ثلاث جدّهنّ جدّ وهزلهنّ جدّ: النكاح، والطلاق، والرّجعة» .
ومن ذلك: أنهم كانوا يمنعون النساء أن يتزوجنّ من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدّتهنّ؛ حميّة جاهلية، كما يقع كثيرا من نحو الملوك؛ غيرة على من كنّ تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم، فإنهم بسبب ما نالوه من رياسة الدنيا وما صاروا فيه من النّخوة والكبرياء؛ يتخيّلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع، وقد أبطل الله ذلك ونهى عنه بقوله وَإِذا