.........
قيل: وهذا إجمال لا يسع بيانه الطّروس، فإنّه مطلق في سائر الأحوال والأزمان. ومنه أنّ العبد إذا عزم على معاونة أخيه فينبغي له ألايجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحقّ، وتأمّل دوام هذه الإعانة، فإنه صلى الله عليه وسلّم لم يقيّدها بحالة خاصّة، بل أخبر أنّها دائمة بدوام كون العبد في عون أخيه.
وروى الإمام أحمد: «من كان في حاجة أخيه كان الله تعالى في حاجته» .
والطبراني: «أفضل الأعمال إدخال السّرور على المؤمن فكسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجته» .
وورد: «من سعى في حاجة أخيه المسلم؛ قضيت له أو لم تقض؛ غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وكتب له براءة من النّار وبراءة من النّفاق» .
وعن الحسن رضي الله تعالى عنه: أنّه أمر ثابتا البناني بالمشي في حاجة، فقال: أنا معتكف! فقال له: يا أعمش؛ أما علمت أنّ مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجّة بعد حجّة؟!» .
وروى الإمام أحمد: أنّ خبّاب بن الأرتّ خرج في سرية فكان صلى الله عليه وسلّم يحلب عنزا لعياله، فيملأ الجفنة حتى يفيض زيادة على حلابها؛ فلما قدم وحلبها عاد إلى ما كان.
وكان أبو بكر الصّدّيق يحلب للحيّ أغنامهم؛ فلما استخلف؛ قيل: الآن لا يحلبها!، فقال: بلى؛ وإنّي لأرجو ألايغيّرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله. وذلك لأن العرب كانوا يستقبحون حلب النّساء.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يتعاهد الأرامل فيستقي لهنّ الماء باللّيل، ورآه طلحة داخلا بيت امرأة ليلا فدخل لها نهارا؛ فإذا هي عجوز عمياء مقعدة! فقال: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ فقالت له: منذ كذا وكذا يتعاهدني بما يقوم بي من البرّ، وما يصلح لي شأني، ويخرج عنّي الأذى ويقمّ لي بيتي! فقال