39- «أفضل النّاس.. أتقاهم لله، وأوصلهم للرّحم» .
40- «أفلح من رزق لبّا» .
39- ( «أفضل النّاس أتقاهم لله) ؛ أي: أخوفهم فيما أمر ونهي (وأوصلهم للرّحم» ) ؛ أي: القرابة. وقد تقدم الكلام على صلة الرحم. وهذا الحديث ذكره المناوي في «كنوز الحقائق» مرموزا له برمز الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
40- ( «أفلح) بصيغة الماضي (من رزق) - بالبناء للمفعول- (لبّا» ) - بضم اللّام وبالباء الموحدة المشددة-: يعني فاز وظفر من رزقه الله تعالى عقلا راجحا؛ اهتدى به إلى الإسلام، وفعل المأمور، وتجنّب المنهيّ.
وكلّما كان العقل في العبد أوفر؛ فسلطان الدّلالة فيه على الرشد والنهي عن الغيّ أنفذ وأظهر، ولذلك كان المصطفى صلى الله عليه وسلّم إذا ذكر له عن رجل شدّة اجتهاده وعبادته سأل عن عقله؛ لأنه مناط الفلاح.
والعقل هو الكاشف عن مقادير العبودية، ومحبوب الله ومكروهه. والعقل:
نور خلقه الله وقسمه بين عباده على قدر مشيئته فيهم، وعلمه بهم.
وأول ما فات ابن آدم من دينه العقل، فإن كان ثابت العقل يكون خاشع القلب لله، متواضعا بريئا من الكبر؛ قائما على قدميه ينظر إلى اللّيل والنّهار يعلم أنّهما في هدم عمره؛ لا يركن إلى الدنيا ركون الجاهل؛ لعلمه أنّه إذا خلف الدنيا خلف الهموم والأحزان.
قال بعض العارفين: ما قسم الله لخلقه حظّا أفضل من العقل واليقين.
قال الراغب: والفلاح: الظّفر. وإدراك البغية أربعة أشياء: 1- بقاء بلا فناء، و 2- غنى بلا فقر. و 3- عزّ بلا ذلّ. و 4- علم بلا جهل.
وقال الزمخشري: المفلح الفائز بالبغية كأنّه الّذي انفتحت له وجوه الظّفر ولم تستغلق عليه. والمفلج- بالجيم-: مثله. انتهى.