فإذا جاءني شيء.. قضيته» . فقال عمر: يا رسول الله؛ [قد أعطيته] ، فما كلّفك الله ما لا تقدر عليه. فكره صلّى الله عليه وسلّم قول عمر.

وفي رواية البزّار؛ عن عمر: فقال: «ما عندي شيء أعطيك، ولكن استقرض حتّى يأتينا شيء فنعطيك» . فلا مانع من تفسير «ابتع» أو «اتبع» :

ب «استقرض» تجوّزا؛ لرواية البزار، إذ الحديث واحد.

وليس بضمان! بل وعد منه. ووعده ملتزم الوفاء، إذ وعد الكريم دين.

ولذا صحّ أنّه لما توفّي نادى الصدّيق لما جاءه مال البحرين: من كان له عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم عدة؛ أو دين فليأتنا. فجاء جابر؛ وقال: إنّه وعدني كذا. فأعطاه له ... الحديث في «الصحيح» .

(فإذا جاءني شيء) من باب الله كفيء وغنيمة (قضيته» ) عنك.

وهذا غاية الكرم ونهاية الجود.

(فقال) الرّاوي (عمر) وكان الظاهر أن يقول: «فقلت» ، إلّا أن يقال «إنّه من قبيل الالتفات على مذهب بعضهم» ! (: يا رسول الله؛ قد أعطيته) أي: هذا السائل قبل هذا!! فلا حاجة إلى أن تعده بالإعطاء بعد ذلك؟! أو: قد أعطيته الميسور من القول؛ وهو قولك «ما عندي شيء» ؛ فلا حاجة إلى أن تلتزم له شيئا في ذمّتك.

وقوله (فما كلّفك الله) الفاء للتعليل؛ لما يستفاد من قوله «قد أعطيته» ، فكأنّه قال: لا تفعل ذلك، لأنّ الله ما كلّفك (ما لا تقدر عليه) ؛ من أمره بالشّراء ووعده بالقضاء.

(فكره صلّى الله عليه وسلم قول عمر) ، أي: بدا في وجهه الشريف أثر عدم رضاه به، لأنّ فيه كسر خاطر السائل، ولأنّ مثله لا يعدّ تكليفا لما لا يقدر عليه، لما عوّده الله من فيض نعمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015