بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] .
فالإنسان مفطور على الإيمان بالله الواحد، وهو لا يميل عن التوحيد إلا إذا فسدت فطرته بعوامل خارجية، ومهما طالت فترة الانحراف عن الفطرة، فلا بد من العودة إليها، وإلا انعدم التوازن النفسي.
ومن الحاجات الوجدانية الهامة: الحاجة إلى الأمن والاستقرار، والحاجة إلى الحب وتقدير الآخرين، والحاجة إلى التقدير الذاتي والاجتماعي، والحاجة إلى تحقيق الذات، فالحاجة للأمن والاستقرار أساسية لعطاء الإنسان وإنتاجه ومساهماته في عمارة الأرض، ولذلك أمر الله الإنسان أن يحسن إلى الناس كما أحسن الله إليه، وألا يلجأ إلى الإفساد في الأرض، فمن شأن هذا أن يوفر الأمن والاستقرار في نفوس الناس: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 77] .
ويهدف إشباع الحاجة إلى الحب إلى تحقيق الود والتعاون، وتخليص النفس من أوشابها وأدرانها، ولقد حرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما هاجر إلى المدينة أن يقيم مجتمعا على أساس المحبة والإخاء، فكان أول شيء فعله هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فكان ذلك الحب والإخاء في الله الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا، وقد كانت النتيجة هي العزة والقوة والمنعة والنصر: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 62، 63] .
أما حاجة تحقيق الذات، فهي من أهم الحاجات، وإشباعها ضرورة ملحة للشخصية السوية. والهدف من إشباعها هو تحقيق إنسانية الإنسان، عن طريق احترام الفرد لذاته، وشعور الآخرين معه بإيجابية دوره وفعاليته في واقع الأرض.
ولقد يسر الإسلام كل السبل أمام الإنسان كي يحقق ذاته:
- فزوده بالاستعدادات الكامنة فيه والقابلة للخير والشر.
- وزوده بالقدرات الكامنة والموجهة لاستعداداته.
- سخر له ما في البر والبحر لخدمته وتيسير مهمته في عمارة الأرض.