إن الفلسفة التربوية هي بمثابة قاعدة الانطلاق الموحدة، التي تحدد للنظام التعليمي غاياته المنشودة، التي تعمل الوسائل المختلفة والمتنوعة على تحقيقها، إنها تحديد واضح لطبيعة المجتمع الذي نريد بناءه، ولطبيعة الإنسان الذي يجب أن نربيه.. الإنسان القادر على أن يسهم بإيجابية وفاعلية في بناء هذا المجتمع.

باختصار، إن الفلسفة التربوية الواضحة المنبثقة عن فلسفة اجتماعية شاملة أو عن تصور متكامل لحقائق الألوهية، والكون، والإنسان، والحياة، هي بداية أي إصلاح اجتماعي، فضلا عن أن يكون هذا الإصلاح متصلا بعملية حاسمة في بناء البشر وبناء المجتمعات الإنسانية كمناهج التربية والتعليم.

إن هذا الكتاب هو محاولة لتصميم منهج التربية، انطلاقا من أسسه المعرفية والنفسية والاجتماعية، ومرورا بمكوناته المتمثلة في الأهداف والمحتوى وطرائق وأساليب التدريس، ووصولا إلى وسائل وأساليب التقويم والتطوير.

وبذلك فسوف يتناول هذا الكتاب القضايا التالية:

أولا: المفاهيم الأساسية لمناهج التربية، مثل: مفهوم الدين، ومفهوم العبادة، ومفهوم التربية، ومفهوم المنهج، والفرق بين مفهوم "المنهج" ومفهوم "البرنامج"، ومفهوم التعلم. إلخ، وهذا هو موضوع الفصل الأول.

ثانيا: أسس بناء المنهج، حيث يتفق المنهجون في كل بلاد العالم تقريبا على أن للمنهج أسسا ثلاثة هي: طبيعة المعرفة، والطبيعة الإنسانية، وطبيعة الحياة والمجتمع. وسنتناول هذه الأسس في الفصول: الثاني، والثالث، والرابع على التوالي.

ثالثا: انطلاقا من مفاهيم الفصل الأول والأسس التي تلت ذلك ستيم تحديد الأهداف العامة للمنهج، واختيار المحتوى، وطرائق وأساليب التدريس، وطرائق وأساليب التقويم، وسيكون ذلك في الفصول: الخامس والسادس والسابع والثامن على التوالي.

رابعا: وأخيرا، نتناول موضوع تطوير المنهج: أسبابه، وأسسه، وكيفياته، في الفصل التاسع والأخير.

ورجاؤنا في الله كبير، أن يهدي البصائر إلى فهم الواقع الذي نحن فيه، والحق الذي نرجوه، إنه على ما يشاء قدير.

القاهرة: جمادى الأولى 1418هـ

أكتوبر 1997م علي أحمد مدكور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015