إذن، فالإجابة عن السؤال الأول: ما مصادر المعرفة؟ تقتضي تحديد تصورين مهمين في بناء التربية، هما على الترتيب في الأهمية والأولوية:
- حقيقة الألوهية في التصورات الفلسفية المختلفة.
- حقيقة الكون في التصورات الفلسفية المختلفة.
وللإجابة عن السؤال الثاني: كيف يعرف الإنسان؟ أو كيف يحدث التعلم للإنسان؟ يقتضي هذا بيان حقيقة الإنسان في التصور الإسلامي وفي التصورات الأخرى، وبيان حقيقة فطرته، وطبيعة الإنسانية، وبيان حقيقة النفس في التصور الإسلامي وفي التصورات الأخرى، ثم بيان مطالب النمو وحاجاته، مع التركيز على طبيعة الإنسان الكبير وحاجاته ومطالبه, وأثر كل ذلك في مناهج التربية والتعليم.
وعلى هذا فإن الإجابة عن هذا السؤال الثاني في طبيعة المعرفة: كيف يعرف الإنسان؟ أو كيف يحدث التعلم؟ تقتضي تحديد تصور آخر مهم في بناء منهج التربية ألا وهو:
- حقيقة الإنسان، من حيث مصدره، ومركزه في الكون، ووظيفته في الحياة، وغايته.
وللإجابة عن السؤال الثالث: ما مهمة العلم والمعرفة لكل من الإنسان والمجتمع والحياة؟ يقتضي الأمر بيان طبيعة المجتمع في التصور الإسلامي، وفي التصورات الأخرى، وبيان أهم المعايير التي تحكم سلوكيات الأفراد فيه، وتحكم نوعيات الروابط والصلات والنظم الاجتماعية والمؤسسات، وتوجهها إلى غاياتها المنشودة، ومثلها المرجوة، كما يقتضي هذا بيان نوعية الموجهات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية، والأدبية، والتربوية، والإعلامية.. إلخ. وبيان العلاقة بين العلم والمعرفة، وأهيمتهما في بناء المجتمع، وبيان العلاقة بين الثبات والتغير، وبين التربية والتغير الاجتماعي، والتقدم الحضاري.. إلخ.
وهكذا نكون قد وصلنا إلى الأساس الثالث والأخير من أسس بناء منهج التربية للكبار والصغار على السواء، وهذا الأساس هو:
- حقيقة الحياة والمجتمع من حيث: العقيدة والموجهات، والروابط والصلات، والنظم والمؤسسات، والعلم والمعرفة ودورهما الفاعل في كل ذلك.
هذه الأسس الثلاثة السابقة تمثل التصور المعرفي والتصور الاعتقادي الفلسفي للإنسان والمجتمع والحياة، فهي تمثل التفسير الشامل للوجود الذي يتعامل الإنسان على أساسه مع هذا الوجود، وبما أن المنهج نظام تربوي اجتماعي، فإن المناهج التربوية تختلف باختلاف النظم الاجتماعية وتصوراتها الاعتقادية والفلسفية للألوهية، والكون والإنسان والحياة.