يختلف الناس في الطرق التي يتعلمون بها، فمنهم من يتعلم أكثر وأسرع عن طريق مشاركته الخبرة مع الآخرين، ومنهم من يتعلم أفضل عن طريق الانفراد، وعلى كل حال فإن كل فرد يتعلم عن طريق تفسير الخبرات من وجهة نظره الخاصة، وفي ضوء خبراته الخاصة، فالتعلم -إذن- عملية فردية لا يمكن فرضها على الجماعة، فكل شخص له نمط تعليمي خاص به.
وقد أشار أبو حامد الغزالي في القرن الخامس الهجري إلى أن المربي كالطبيب، فالطبيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد قتل أكثرهم، وكذلك المربي يجب أن يعامل كل تلميذ المعاملة التي تناسب سنه، ومستواه العقلي، وطاقاته ومقدرته، يقول الغزالي: "وكما أن الطبيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد قتل أكثرهم، فكذلك الشيخ لو أشار على المريدين بنمط واحد من الرياضة أهلكهم، وأمات قلوبهم، بل ينبغي أن ينظر في مرض المريد وفي حاله وسنه ومزاجه وما تحتمله بنيته من الرياضة، ويبني على ذلك رياضته".
وقد سار التعليم في مدارس الإسلام الشهيرة -كالأزهر في مصر، والمدرسة النظامية في بغداد وجامعة الزيتونة في تونس وجامعة القرويين في المغرب- على أساس التعليم الفردي، فالطالب كان يتمتع بقسط كبير من الحرية، يختار من المواد الدراسية ما يناسب ميوله الفطرية واستعداداته العقلية، ويختار المعلم الذي يتلقى العلم عنده، يستمع إليه ويناقشه، ويسأله فيما صعب عليه من الأمور، وهو حر غير مقيد بنظام معين، ولا بجدول أوقات للدروس، ولم يكن مطالبا بامتحانات خاصة للنقل من صف إلى آخر أو من فرقة إلى أخرى.