إذا نظرنا إلى الموقف التعليمي، وجدنا أنه يقوم على أساس الاتصال اللغوي بالدرجة الأولى، وهذا الاتصال يمكن أن يتم في صور ثلاث: الصورة الأولى: يقوم فيها المعلم بتوجيه الحديث إلى المتعلمين، والصورة الثانية يقوم المتعلمين بتوجيه الحديث إلى المعلمين، والصورة الثالثة: يتبادل فيها المعلمون والمتعلمون الحديث والاستماع إلى بعضهم البعض، وهذه هي المناقشة1.
وهذه الطريقة من أفضل الطرق وأقربها إلى روح منهج التربية الإسلامية، وقد اتبع الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- هذه الطريقة في تبليغ رسالته بوحي من الله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] .
والمناقشة هي أن يشترك المدرس مع المتعلمين في فهم وتحليل وتفسير وتقويم موضوع أو فكرة أو عمل أو مشكلة ما، وبيان مواطن الاختلاف والاتفاق فيما بينهم، من أجل الوصول إلى قرار، وعلى هذا فهي من أهم ألوان النشاط التعليمي للكبار والصغار على السواء، وإذا أضفنا إلى ذلك ما تقتضيه الحياة الحديثة من اهتمام بالمناقشة والإقناع، وجدنا أنها يجب أن تحظى بمكانة كبيرة في المدرسة، فحياتنا بما فيها من تخطيط ومشاورات وانتخابات، ومجالس محلية، أو إقليمية، ونقابات، وما إلى ذلك، تقتضي أن يكون كل فرد قادرا على المناقشة, كي يستطيع أن يؤدي واجبه كإنسان في مجتمع كبير أو صغير على أساس من الحرية والعدالة الاجتماعية.