تصور الإنسان للعبادة قد لازمه في تاريخه كله، منذ خلق الله آدم حتى الآن، فالعبادة عاطفة فطرية مركوزة في النفس الإنسانية بحكم فطرتها، فهي حاجة نفسية ضرورية كحاجة النفس إلى إشباع دوافع الجوع والعطش، والأمن والاطمئنان، والراحة، والجنس ... إلخ، إذن، العبادة عاطفة فطرية، مغروزة في الإنسان تدفعه إلى تلمس إله للعبادة، وإلى هذا الحد فالعبادة عاطفة فطرية لا يختلف حالها في نفوس البشر عن سائر العواطف الإنسانية الأخرى.
لكن إشباع هذه الحاجة أو العاطفة الفطرية المغروزة في خلق الإنسان من يوم أن خلقه الله، تختلف باختلاف مراحل التاريخ الإنساني، وباختلاف الجماعات الإنسانية، وباختلاف الأفراد، فكما يختلف الناس في أساليب إشباعهم لحاجات الطعام والشراب واللباس والجنس.. إلخ، فكذلك يختلفون في تصوراتهم لعباداتهم ومعبوداتهم وآلهتهم.