العولمة والكوكبة والقدرة على التكيف:

إن عملية التكيف مع بعض المتغيرات، وتكييفها وتوجيه بعضها الآخر، هي عملية حضارية لا بد أن تخضع للمعايير والقيم التي يؤمن بها المجتمع، كما تخضع للتقاليد القديمة العهد، والأعراف المجربة.

والمتأمل في مجتمعات الأمة الإسلامية هذه الأيام يرى أن المتغيرات الواقعة عليها أكبر من قدرتها على استيعابها، وهي بالتالي غير قادرة على القيام بعمليات التكيف والتنسيق للمتغيرات، فضلا عن تكييفها وتوجيهها، والسبب في ذلك هو غياب القواعد الحضارية، والأسس المعيارية للمجتمع المتحضر الإسلامي، والتي على أساسها يتم القبول، أو الرفض، أو التوجيه للمتغيرات.

إن التغير والتطور على طريقة ترقية الحياة الاجتماعية لن يحدث إلا إذا شعر أبناء المجتمع بالحاجة إليه، واستطاعوا أن يتصوروه في إطاره الأوسع وضمن تغيرات كثيرة، وتعرفوا على طبيعة التغير ومكان حدوثه, والفنون والمهارات التي يتطلبها، واستعدوا لذلك، رغبة في إحداثه وقيادته، والسيطرة على حركة عناصره المادية والمعنوية معا.

إن صراع الأجيال الذي بدأنا نعاني مشاكله سببه الأساسي أننا أصبحنا نجري وراء النظريات والأفكار الغربية التي تضع المجتمع كله على خط التغير السريع المتلاحق، فالناس يلهثون وراء المتغيرات، فلا يكادون يلحقون بها حتى تظهر لهم أخرى فيلهثون وراءها.. وهكذا لا يستقر لهم قرار، ويصبح ما كان مرغوبا بالأمس لا قيمة له اليوم، وما هو مجرب اليوم، يصبح بلا معنى غدا.. وهكذا نشأ ما يسمي بـ"صراع الأجيال".

لكن المجتمع المتحضر يربي الصغار والكبار على السواء, في ظل الحقائق والمعايير والقيم الإلهية الثابتة، والخبرات الإنسانية المتغيرة التي لا تخرج عن نطاق الثوابت في منهج الله، وبذلك ينشأ "اختلاف الأجيال" الناتج عن اختلاف مظاهر الحياة ومطالبها باختلاف الزمان والمكان. وهذا شيء طبعي.. محبوب ومرغوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015