جنى عليهم عمدًا، فلا خلاف في المذهب أنه لا يقتص [لهم] (?) منه -كانت الجناية في النفس أو فيما دون النفس- إذ لا يقتل مسلم بكافر إلا أن يقتله قتل غيلة فيقتل به على معنى الحِرَابَة لا على معنى القصاص المحض، خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إن الحر المسلم يقتل بالمعاهد، ويقتل بالعبد أيضًا، وتعلق بظاهر قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ} (?)، وبقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} الآية (?)، فقالوا: هذا عام في كل نفس محرمة القتل، وتأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل مسلم بكافر" (?) على أنه الكافر الحربي، وذلك كله استدلال ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه مالك رحمه الله من وجهين اثنين:
أحدهما: الأثر.
والثاني: النظر.
فأمَّا الأثر: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل المسلم بالكافر" (?)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم" (?).
وأما النظر: فلكون القصاص مبني على تكافؤ الدماء وتساويها في الحرمة، ولا شك أن دم الكافر غير مكافئ لدم المسلم أصلًا.
فإذا ثبت [ذلك] (?) فلا يقتل المسلم بالذمي إذا قتله عمدًا، فإنه تكون