والجواب عن الوجه الثالث: إذا قصد إلى الطلاق بما ليس بصريحٍ ولا كناية مثل أن يقول لها: "كُلى أو اشربى" أو "قُومى أو اقعدى" أو قال لها: "تعالي يا حرة"، وما أشبه ذلك: فإنَّهُ إنْ لم يُرد بذلك طلاقًا، فلا خلاف في المذهب أنَّهُ لا يلزمُهُ الطلاق.
وإن قال: "أردتُ بذلك الطلاق"، هل يلزمُهُ أو لا يلزمُهُ؟
فالمذهب على قولين قائمين مِن "المُدوّنة":
أحدهما: أنَّ الطلاقَ يلزمُهُ.
والثانى: أنَّ الطلاقَ لا يلزمُهُ ولا شىء عليه.
وسبب الخلاف: اختلافهم في الطلاق بالنيَّة دون اللفظ أو باللفظ دون النيَّة، هل يلزم أو لا.
فَمَنْ ألزمهُ بمجرد النيَّة، [قياسًا] (?) على الإيمان والكفر أنهم يقعان بالاعتقاد مِن غير نُطق.
وأمَّا سقوطه فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تجاوز الله عن أمتي ما حدَّثت بهِ نفسها ما لم تعمل أو تتكلَّم. . ." الحديث.
والقولان قائمان مِن "المُدوّنة"، منصوصان، حكاهما أصحابُنا البغداديون عن مالك.
فأمَّا إلزامهُ بمجرد اللفظ فمِن "المُدوّنة" [فمن] (?) قولهِ: "أنت طالق"، وقال: "أردتهُ مِن وثاق"، ولا بيِّنة عليهِ، فلم يعذروهُ وإن جاء مستفتيًا.
ومن قوله أيضًا: يُؤخذ الناس في الطلاق بألفاظهم، ولا تنفعهم