وهو ظاهر قول مالك في "كتاب الزكاة الأول"، و"كتاب الجهاد" من "المدونة".
والأقوال [الثلاثة] (?) كلها قائمة من "المدونة" لا تخفى على من دقق النظر فيها.
وسبب الخلاف: تعارض آية الأنفال لظاهر آية الحشر؛ وذلك أن الله تعالى قال في آية الأنفال {وَاعْلَمُوا أنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأَن لِلَّهِ خُمُسَهُ} (?). وهذا العموم يقتضي قسمة كل ما ينطلق عليه اسم شيء مما غنم.
وقال في آية الحشر: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (?) إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا} (?).
فظاهر هذه الآية يقتضي الوقف دون القسمة. فاختلف العلماء هل وقع بين الآيتين نسخ أم لا؟ على ما هو مشهور في مسائل الخلاف.
والصحيح -والله أعلم- أن ليس [بين الآيتين] (?) نسخ ولا تعارض؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم النضير بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار منهم أبو دجانة، والحارث بن الصمت, وسهل بن حنيف، وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجميع المهاجرين لحاجتهم [ومسكنهم] (?) وخروجهم من ديارهم وتركهم لأموالهم، ولتخف مؤونتهم عن الأنصار.
ولم يقسم للأنصار فيها شيئًا إلا الثلاثة المذكورين لحاجتهم ومسكنتهم.