قد كنت أصدق في وعدي فصيرني ... كذابة، ليس ذا في جملة الأدب
يا ذاكرًا: خلت عن عهدي وعهدكم ... فنصرة الصدق أفضت بي إلى الكذب
وابن طيفور يسجل ذكرياته ونبواته في شعره ويطلب من الله الصفح والمغفرة، فقد كان للأديرة أثرها في شعر المجون، وكان المسافرون يجعلون من الأديرة محطات يبيتون فيها. وكذلك كان يفعل الشعراء الذين كانوا يترددون عليها عامدين إلى قضاء أيام فيها يشربون من خمرها المعتق وينادمون رهبانها الذين كانت لهم مشاركة في الشعر والأدب. إن ابن طيفور يعود إلى بغداد بعد رحلة له إلى "سر من رأى" فيأخذ عليه المطر طريقه قرب دير السوسن بعيدًا عن "سر من رأى" فيميل إليه مع غلامه ويقضي الليل شاربًا سكرانًا معربدًا حتى إذا كان الصباح انصرف منشدًا:
سقى سر من را وسكانها ... وديرًا لسوسنها الراهب
سحاب تدفق عن رعده الـ ... ـصفوق وبارقه الواصب
فقد بت في ديره ليلة ... وبدر على غصن صاحبي
غزال سقاني حتى الصبا ... ح صفراء كالذهب الذائب
ويمضي ابن طيفور في وصف ليلته المعربدة ثم ينهي أبياته بقوله:
فيا رب تب واعف عن مذنب ... مقر بزلته تائب
إن أحمد بن طيفور أديب شاعر، ونديم ظريف فكه، ولين الأخلاق ظريف المعاشرة راوية وراق، على ما أسلفنا من ذكر عمله وأدبه وأخباره، وإنه لشيء طبيعي بعد ذلك أن يكون إنتاج ابن طيفور وتآليفه صورة لثقافته ومسلكه وطبيعته، وبالتالي تكون تآليفه في الأدب والأدباء والشعر والشعراء والتاريخ والأخبار والرواية.
إن ابن طيفور واحد من أولئك الذين ألفوا عددًا ضخمًا من الكتب الأدبية يناهز الخمسين، فقد عدد له ياقوت واحدًا وخمسين كتابًا، وعدد له ابن النديم من قبله حوالي ستين كتابًا يقع بعضها في بضعة عشر جزءًا.
هذا ويمكن تصنيف كتب ابن طيفور في نطاق الموضوعات الآتية:
أولًا: موضوعات أدبية عامة، وتاريخ أدب، وأخبار أدبية ونقد، ويمكن أن يندرج تحتها كتبه التالية:
1- كتاب المنثور والمنظوم أربعة عشر جزءًا.